قد لجأ إلى طريقة جديدة في معالجة الفكرة القصصية جعلتها تحفل بالغموض والإبهام، طريقة تهب عليك منها رائحة (المذهب السريالي)، وذلك المذهب الذي شاعت تعاليمه أخيراً في الأدب الفرنسي. . . أما خطر هذه الطريقة فيتمثل في انعدام الربط بين الحوادث والأفكار مما ينتج عنه بعض التفكك في البناء الفني للقصة، هذا عدا الغموض الذي اضطررت بسببه إلى أن استفسر من الأستاذ المؤلف عن بعض المواقف التي لم تتضح لي في ثنايا العرض القصصي!. . .
أما تيمور فيعتقد - كما قال لي - أنه لم يتأثر بمذهب السير ريالزم في كتابة هذه الأقصوصة، ومع ذلك فما زلت أحس كلما رجعت إليها أنني أقرأ شيئاً من إنتاج عميد هذا المذهب في الأدب الفرنسي المعاصر. . مسيو أند زيه بريتون! ومهما يكن من شئ فأن هذه الظاهرة قد تمثلت في أقصوصة واحدة من كتاب (خلف اللثام).
وهناك أقصوصة ثالثة نسج تيمور خيوطها من صميم البيئة المصرية وهي (تأمين على الحياة). . . في هذه الأقصوصة نماذج بشرية رسمت الريشة خطوطها في دقة وعناية، وبخاصة تلك الصورة الوصفية التي قدمها تيمور لكاتب المحامي وكذلك الصورة النفسية، ولولا ذلك الموقف الذي خالف فيه تيمور منطق الحياة والواقع لمضت الأقصوصة إلى نهايتها بغير هنات. . .
أما هذا الموقف فأعني به حين يتقدم كاتب المحامي بصنيعته صبي اللبان إلى إحدى شركات التأمين فتقبل أن تؤمن على حياته بمبلغ ضخم من المال، على الرغم من أن حياة الصبي معرضة بين لحظة وأخرى لخطر الفناء. . . من يصدق أن صبياً تحالفت على كيانه عشرات العلل والعاهات يؤمن على حياته الضائعة بألوف الجنيهات؟! وهناك أقصوصة رابعة تتجلى فيها موهبة القصاص المفتوح العينين والقلب والذهن، وهي (شيخ الخفر)، إنها صورة صادقة من حياة الريف، هناك حيث تلقى سذاجة النظرة وإلهام الفطرة وحرارة الإيمان، ولو دبت قدم الشيطان فهو دبيب إلى حين!
بعد ذلك يقدم تيمور خمس أقاصيص أخرى لا يتسع المجال هنا للحديث عنها، فليرجع إليها القارئ إذا شاء ليطبق عليها ما أوردته من دراسة لفن تيمور في بداية هذه الكلمة.