وفتحت الخادم باب الحديقة وهي تقول: كلا ليس من يعرف قبرها سواه، سيدي يعرفه وحده. هل تتفضلين بالدخول؟ وترددت الشابة ذات الثوب الأبيض، والعينين الدعجاوين، فقالت الخادم كأنها كانت تتوقع هذا: - لا أحد في البيت، تفضلي، فسيدي في رحلة منذ أشهر.
ودخلت السيدة حديقة البيت، وأقبلت الخادم على وردها المنثور تلمه، وشرعتا تسيران معاً نحو البيت.
وعادت الخادم تسألها - هل تسكنين هنا يا سيدتي؟.
فهمست السيدة الشابة، ذات الثوب الأبيض والعينين الدعجاوين، وهي غريقة أفكار تتماوج في ذهنها - كلا، كنت أزور أصدقاء لي هنا.
- وهل كنت تسكنين هنا من قبل؟.
- قبل خمس سنوات. . .، وحينما ضمهما البيت كانت السيدة تتطلع إلى ما حولها باهتمام وتأمل. ووقفت الخادم في البهو النير، ذي البسط الوبرية ومقاعد الخيزران، وقالت:
- هل أريك البيت؟
- شكراً، أرجو أن لا أكلفك كثيراً، ولكن.
كلا. أنا أريد ذلك. . . ووضعت سلة الورد على منضدة، ثم فتحت الباب المقابل وقالت - هذا. . . هو مكتب سيدي.
وكان جو الحجرة معتماً، يوحي بالإحساس بالظلمة، برغم النور المنساب منم نوافذها، وكان كل ما فيها يوحي بالكآبة: النوافذ ذات السجف الزرقاء الداكنة اللون، والأرائك القاتمة اللون، والرفوف العالية، تحف بالحيطان وقد رصت عليها الكتب، وكانت السيدة تتطلع إلى ما حولها في سهوم واستغراق والخادم تصل حديثها - يبكر سيدي عادة في اليقظة من نومه، وما أن يغسل وجهه حتى يؤم مكتبه هذا، ويشرع في عمله، حتى انقضت من الصباح ثلاث ساعات أو أربع، ترك حجرته هذه فيستحم، ثم يتناول فطوره. . فإن كان الجو صحواً جلس في الحديقة أو خرج إلى الطريق، وبد تجوال ساعة يعود فيضطجع حتى يحين أو أن الغذاء. . وبعد أن ينهض.
راحت الخادم تحدثها بالتفصيل عن حياة سيدها وشؤونه، وهي تصغي لذلك كله. . . ثم