للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سألتها - أو ليس للسيد عمل خارج البيت؟

- إن لديه عملاً ولكن ليس دائماً، يؤديه بين يوم وآخر أو بين كل ثلاثة أيام. . . وفي كل عام يسافر إلى الخارج للترويح عن نفسه شهرين من الزمن.

- كم مدة قضيتها هنا؟

- أربع سنوات.

- وهل سيدك مولع بالنساء.

- كلا - وهل يشرب الخمر؟

- قليلاً، وفي المناسبات. وخرجنا من حجرة المكتب إلى البهو، وكان أكثر نوراً منها، يحس المرء فيه برطوبة الزوايا التي لا ينفذ إليها شعاع الشمس على أن بسطه الوبرية، ومقاعده الحمراء اللون، والرسوم الزيتية المعلقة على الجدران، كل هذا يبعث إلى القلب بشعور الدفء والغبطة واللذة العميقة. ولم تتحدثا بشيء في البهو، فقد أطبق عليهما الصمت، وكانت الخادم تفكر في أمر هذه السيدة الشابة ذات الثوب الأبيض والعينين الدعجاوين. وأما السيدة فقد راحت في ذهول وحيرة تتأمل كل شئ، المقصف، والخوان الكبير، وجهاز الراديو، والرسوم المعلقة على الجدران؛ كانت تتطلع إلى هذا كله في صمت عميق، ثم اضطربت شفتاها، وقالت في تردد، وفي نبرات صوتها ما ينم عن أسى وحيرة يتلاطمان في أعماق نفسها: هل لي أن أرى الطابق الأعلى؟

- بالطبع. وحينما ارتقتا إلى الطابق الأعلى، قالت الخادم وهي تشير بيدها إلى باب غرفة على يسار البهو - يزور سيدي بين حين وآخر ضيوف، فيحلون هنا. لكل حجرة من هذه الحجرات خزانة ثياب، فيها منامات ومناشف، وفيها كل ما يحتاج الإنسان إليه من أسباب الراحة. أن كل ما ترينه يا سيدتي لينبئك بشغف سيدي بالحياة الرتيبة.

- وهل سيدك وحده هو الذي يفعل كل هذا؟.

- نعم، وهمست كأنها تحدث نفسها. . . يا للعجب! وقالت والخادم تفتح باب إحدى حجرات الضيوف، وقد خالج صوتها نغم عذب يفيض رخامة وعذوبة.

- هل أستطيع أن أرى غرفة نومه؟ - بالطبع.

وفتحت الخادم باباً كبيراً على يسار، وقالت - تفضلي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>