للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

دولار بموجب شريعة ترومان خلال السنة المنصرمة، قد أنتج عكس ما كان يقدر له صناع السياسة في أمريكا. فقد زاد عدد الثوار اليونان من ١٠ آلاف إلى ٢٥ ألفا، وتراكمت على الإدارة الأمريكية التي تتولى تنفيذ شريعة ترومان في اليونان أعباء مالية جسيمة اضطرتها إلى أن تطلب من الكونغرس تخصيص ضعف هذا المبلغ (٥٠٠ مليون دولار) للسنة الحالية. أضف إلى ذلك أن اليساريين اليونان قد تمكنوا من التركز في مواقع ستراتيجية جديدة تتوغل في الأراضي التي كانت تسيطر عليها الحكومة اليونانية في السنة الماضية.

ولنعد إلى محاورات هيئة الأمم:

لقد رفض المشروع الروسي بأكثرية ساحقة، وكانت حدة النقاش بين الروس وحلفاء الغرب بصدد المشكلة البلقانية في جلسات هيئة الأمم من أعنف ما شهدته هذه المؤسسة من نقاش. فقد حمل المسيو فيشينسكي وهو قانوني ضليع وخطيب مصقع على لجنة البلقان الدولية وطالب بحلها معددا الأخطاء والتحيز الذي بدا منها بفضل ما سماه (مهزلة التدخل) الأمريكي في أعمالها وتوصياتها وفي سعيها لتوطيد الملكية اليونانية إمام مقاومة ما سماه فيشينسكي العناصر التقدمية الشعبية.

ولعل من الطريف مقارنة فيشينسكي في تعداده أخطاء لجنه البلقان بدفاع زميله ومواطنه يعقوب مالك المندوب الروسي الدائم في مجلس الأمن عندما تعاقب المندوبون العرب بالخطب وبالمذكرات على الكشف عن تآمر وأخطاء لجنة التقسيم الدولية بفلسطين ولجنة مراقبة الهدنة. . .

وحاول المندوب الروسي أن ينفي التهم عن حلفائه البلغاريين والألبانيين واليوغسلافيين فقال إن أزمة النزاع في اليونان ليس مبعثها تدخل جارات اليونان، ولكن مبعثها فساد النظام والإدارة السياسية في حكومة أثينا، وأن أية محاولة لتعزيز هذه الحكومة لن يضمن استقرار السلم في البلقان وهي منطقة في مسيس الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وهو إصلاح لا يتم إلا بتوطيد السلم الحقيقي. أما أجوبة اليونان عن ادعاءات الروس فإنها تشير إلى أن اليونان فريسة عدوان منظم من جاراتها الشيوعية، وهذا العدوان يتخذ شكل اعتداء حربي مسلح يشترك فيه الجنود البلغاريون والألبانيون واليوغسلافيون مع الثوار اليونان برعاية حكومة موسكو ومساعدتها المادية والمعنوية. ولذلك فإن مأساة

<<  <  ج:
ص:  >  >>