الأدب؛ فها أنت ذا ترميني في وجهي بالشر وسوء الطوية. . ألست واحدا من أصدقائك الأشرار؟ بل إنك لتزيد فتزيدني أن أظن بك السوء بلا موجب أراه أنا! ولكن أتريدني حقا أن أصدقك؟ أجاد أنت فيما تقول! أمشي مع الناس فلا أرى غير الشر ولا يخالجني غير الحذر والخوف! أي تجارب تلك التي أوحت إليك بهذه الشرور؟ أو تكون مجربا حقا إذا فعلت هذا؟ ما أسهل هذا الأمر وما أصعبه! إن المجرب يا صديقي - في رأيي - هو الذي يعرف معايير الناس ويزن كلا بميزان. . يمدحه أحدهم فيصل إلى باعث هذا المديح. . ففي الناس من يبذل المدح ثمنا لخدمة له عندك. ومنهم من يبذله ثمنا لمديح مثله. ومن الناس من يمدح رغبة منه في المجاملة، ومنهم الصادق في مدحه، وهذا هو النوع الأمين النادر، إنك لواجده صادقا في نقده أيضا إذا نقد. . المجرب هو الذي يفرق بين كل هذه الأنواع، والمجرب هو الذي يعطي لكلمن هؤلاء مكانه الحقيق به من نفسه، أما إذا سويت بينهم جميعا ورميتهم كلهم بالشر. فأنت غر لا تعرف الناس، ولم تجربك الأيام ولا جربتها. يعز عليك أن تقتنع. . أعلم ذلك، ولكن بربك ما الذي بعث في نفسك كل هذه الثورة؟ هل من جديد؟
- الجديد هو معرفتي أنني الغيري الوحيد بين هؤلاء الناس. أنت تعرف صديقنا فلانا، كنت أؤثره وأحبه، توطدت بيننا الصداقة فأصفيته ودي، لكنه عرف أنني مقدم على مشروع تجاري فسبقني إليه، واستعان بسلطان كبير أطاح من يدي الفرصة إلى يده. . . أرأيت أنانية كتلك الأنانية؟!
- نعم. . رأيت أكثر منها.
- أين؟
- أنانيتك أنت. . . أنك - والحمد لله - لا تعرف عن التجارة شيئا وهي مهنته. وأنت - والحمد لله - في بسطة من رزقك وبحبوحة من عيشك، وهو يسعى وراء رزقه ويشقى في سبيله لماذا تعترض طريقه؟
- ولكنني صديقه، كان يجب أن يستأذنني.
- أو كنت تأذن!. يا صاحبي إنني أنا وأنت وكل إنسان في العالم أناني بطبعه، أنك لترى الأنانية في كل خطرة ينشغل بها ذهنك، وفي كل خلجة يختلج بها قلبك. . إن الخير في