كتبت هذه الكلمة منذ عام في مجلة (الأديب) اللبنانية، ثم تلقيت عقب نشرها بضع رسائل من هنا وهناك، بعضها يدور حول كلمتين:(من هو؟) و (من هي؟). . . بينما يدور بعضها الآخر حول التوكيد بأن بطلة هذه القصة القصيرة هي فقيدة الفن (أسمهان)، ولكن من هو بطل القصة؟!. . .
وأنا اليوم أعيد نشر هذه الكلمة تعقيبا على ما يكتبه الأستاذ التابعي عن ذكرياته حول هذه الفنانة في (أخر ساعة)، ولأقول لمن كتبوا إلي مستفسرين أن (هي) التي أشرت إليها لم تكن إلا المطربة (أسمهان). . . أما (هو) فليس واحداً من أولئك الذين عرف الناس قصة صلاتهم بها، ولا أعتقد أن واحدا منهم يعلم شيئا عن هذا الغرام العاصف الذي جمع بين قلبها وقلبه، وغلف قصة القلبي بغلاف من الصمت والكتمان!
وكم كنت أود أن أذيع قصتها على الناس من رسائلها إليه، ذلك الإنسان الذي لا يعرفه أحد. ولكنه من أسرة. . . وفي بيته زوجة عزيزة عليه، وأبناء صغار أحباء إلى قلبه!
إيمان عظيم:
قرأت لصديقي الأستاذ علي أدهم كلمة قيمة في (الثقافة) عن الألم والأيمان في حياة الشاعر الألماني هنريك هايني، وقد استوقفني فيها ذلك الحوار الرائع بين هايني الشاعر وإمانويل فخت الفيلسوف، حول حقيقة الله بين الوجود والعدم، أو بين الإثبات والإنكار. . . قال هايني لفخت:
- (قل لي يا أستاذ بصراحة: هل تعتقد بالحياة الأخرى؟ وهل تؤمن بأن الروح خالدة؟ وأجاب فخت في تؤدة ووقار:
- أني أعتقد بوجود عالم الأفكار غير المنظور.
- ولكنك لا تصدق بوجود إله. . . إله حي قيوم؟
فأجاب الأستاذ في غير تردد وقد هز رأسه: لا أصدق به!
فأرخى هايني جفنه المشلول، وارتمى على وسادته، ولاذ بالصمت) ثم أستأنف الصديقان حديثهما مرة أخرى حول وجود الله وكانت دهشة الفيلسوف بالغة حين رأى الشاعر وقد تحول عن نزعة الإلحاد التي عصفت بعقيدته ردحا من الزمن، إلى نزعة إيمان عميق