يلقى الأمور لقاء الأنداد، وأعذر من أن يلقاها لقاء القضاة!
هل كان الرسول حين شمل عبد الله بن أبي بالصفح والرحمة والمغفرة، ينظر إليه على أنه أهون من أن يعامله معاملة الند للند، أو معاملة النظير للنظير؟ إن هذا المنظار الذي ينظر العقاد من خلاله إلى معدن النفوس وجوهر القلوب، يجعل من الرحمة المحمدية ضربا من التعاظم والكبرياء، وهذا ما ننزه عنه كمال الإنسانية في هذا الإنسان العظيم!
أما تعليق على قول الأستاذ العقاد بأن النبي لا يكون رجلاً عظيماً وكفى، بل لا بد أن يكون إنساناً عظيماً، فلم أقصد من ورائه إلى أن العقاد قد نفى الإنسانية عن محمد قبل أن يكون نبياً كما فهم الأستاذ عماد. . . وإنما قصدت إلى أن اشتراط الإنسانية لنبوة محمد أمر لا داعي لإثباته، لأن محمد كان إنسانا بأدق معاني الكلمة قبل أن يبعث رسولا إلى الناس! ولم يحدث أنني قصرت إنسانية محمد على الرحمة كما يغالط الأستاذ عماد، ولكنني قصرتها على لحظات (الضعف الإنساني). . . وتحت هذه اللحظات يمكن أن تندرج الرحمة وما يماثلها من شتى الفضائل والصفات.
وإذن فلا مبرر لقوله بأن حديث العقاد عن إنسانية محمد كان أشمل وأعم!
تحية الأدب للرسالة:
كتبت مجلة (الأديب) اللبنانية في عددها الأخير ما يلي:
(لاحظنا كما لاحظ معنا كثيرون - والملاحظة تؤلم - غيبة مجلة (الرسالة) عن معرض الكتاب في مدينة اليونسكو في الوقت الذي رأينا فيه عشرات المجلات التي لا ترتفع إلى مكانة (الرسالة) فكرا وقدرا تحتل صدر الجناح المصري، عرضة لأنظار مفكري العالم!. . . حرام أن يغمط حق مجلة قادت ولا تزال تقود الرأي والفكر في العالم العربي ست عشرة سنة؛ بينما يفسح لغيرها ممن لا يعرف لها في التوجيه أو الأدب أي سبيل يذكر! نحن نفهم أن يمنع عرض مجلة (الأديب) في الجناح اللبناني - بينما تعرض الوريقات الصفراء - لأن الأديب كانت وما تزال تقاوم في هذا البلد لرسالتها التوجيهية السامية، وقد عرف هذا البلد (السعيد) بأنه مقبرة لأبنائه المخلصين النابهين. . . ولكن أن يهمل عرض (الرسالة) في الجناح المصري، فهذا موضع دهشتنا!).
هذه اللفتة الكريمة من الزميلة اللبنانية، وهذه التحية الصادقة، تستحقان من أسرة (الرسالة)