للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أريد أن أتحدث إليك برهة من الزمن!) فلم أر بداً من المكوث بعد انصراف الآخرين.

جلس كل منا قبالة صاحبه وأخذنا ندخن في سكون، وقد كان سيليفيو متعبا شاحب الوجه، وان عجبت لشيء فلم أعجب الا من هذا التغير الفجائي الذي بدا عليه، فقد غاض ذلك السرور الذي أشرق به وجهه ساعة الغداء، واختفى بريق عينيه وضعفت نظراته وأصبح منظره وهو ينظر إلى سحائب الدخان المتصاعدة من غليونه منظر الشيطان!

وبعد بضع دقائق قال: (قد لا نلتقي بعد هذا المساء، ولذلك أرى من واجبي أن أشرح لك بعض أمور لا أشك في أنك تساءلت عنها بينك وبين نفسك. . . وأنا وإن كنت لا أعير آراء الشباب اهتماما سأخبرك عما تريد لأنني أميل إليك وأعجب بك!) ولما رآني أسكت وأتحاشى نظراته أفرغ غليونه وواصل حديثه (لقد دهشت على ما أرى لتصرفي مع الضابط السكير رسيانوف في الليلة التي تذكرها ولا شك، وأظنك عجبت عندما علمت إنني لم أغسل الإهانة التي لحقتني ومع هذا فأنا اعتبر عدم إقدامي على مبارزة ذلك الأحمق كرماً مني، لأني (وقد كان اختيار السلاح لي) أثق بانتصاري عليه وقتله مهما كان السلاح، ومهما كانت طريقة المبارزة، ولكني في الواقع لا أملك حياتي!؟).

نظرت إليه في دهشة واستغراب. . . ومضى يقول: منذ ستة أعوام تلقيت ضربة من شخص لا يزال على قيد الحياة!؟ هنا زادت دهشتي فسألته مسرعا: أو لم تقابله؟. لا ريب في أن ظرفا خاصا منعك من لقائه فأجاب: (لقد قابلته، وهذا ما أسفر عنه لقاؤنا).

وقام وأحضر من صندوق قريب قلنسوة من القماش الأحمر لها زر معقود وضفائر مموهة مثل القبعات التي يسميها الفرنسيون ولما لبسها رأيت ثقبا يدل على أن رصاصة اخترقتها على مسافة بوصة واحدة من الجبهة!

وواصل حديثه قائلا (أنت تعرف أنني كنت في فرقة الفرسان الإمبراطورية، وتعرف خلقي فأنا أحب أن أسود الجميع، ولقد كانت هذه الرغبة في السيادة أيام شبابي قوية إلى درجة الجنون، وكانت لذة الشبان في المشاجرة وقت ذاك، ولهذا كنت شيخ المتشاجرين وزعيمهم في الفرقة، وكنا نفخر بالسكر والعربدة، أما أنا فكنت أفوق في الشراب (ب) الشهير في أغنية دافيدوف. . لي في كل يوم مبارزة أمثل فيها الدور الأول أو الثاني فينظر ألي زملائي نظرة الإعجاب، أما رؤسائي فكانوا يعتقدون أنني كالطاعون الذي لا خلاص منه

<<  <  ج:
ص:  >  >>