للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على أميال وقد يكون المستمع واحداً أو أثنين أو فئة قليلة، ومحطة الإذاعة أصلحها الله تعين هؤلاء السفهاء على إقلاق الناس وإزعاجهم وتكدير صفوهم وتنغيص عيشهم، والحيلولة بينهم وبين ما يريدون من استراحة أو عمل بما تمد هؤلاء السفهاء به من أغان وأقوال يرغب فيها الجهلة ويرغب فيها العلماء ويحبها السفهاء ويكرهها الحكماء. ثم تمد لهم الإذاعة في صحبتهم بإذاعة حفلة غناء تدوم ساعات أو نقل قصة تمثيل إلى ما بعد منتصف الليل بساعة أو أكثر أي إلى ما قبل الفجر بساعتين في الصيف.

ولو أن القائمين على الإذاعة فكروا فيما يصيب الناس من هذه الإذاعة لأقلوا منها وجعلوا لها حداً لا تتجاوزه.

ما حاجة الناس إلى إذاعات بعد منتصف الليل؟ بل ما حاجتهم إلى إذاعة بعد العاشرة؟ ألا يفكر القوام على الإذاعة في سوء تصرف الناس بهذه الآلات التي صار أكثر من نفعها، وألمها يربو على لذتها؟ ينبغي أن تعرف أخلاق جمهورنا وعاداتهم حين توضع برامج الإذاعة.

ثم لماذا لا يستعمل الإذاعة في تعليم الناس حسن الاستعمال وحسن الاستماع؟ لماذا لا يذاع على الناس كل أسبوع تحذير من الجهر بالإذاعة وإيذاء الناس بها، ويعرف الناس بالترغيب والترهيب ما يجب عليهم لينتفعوا بما يسمعون أو يلهوا بما يذاع عليهم في غير إخلال براحة الناس، ولا جناية على من لا يريد أن يستمع ومن أحوج إلى إمضاء وقته بالتفكير والعمل أو الراحة.

ثم أين قوانين الحكومات لتحمي الناس من هذا الشر الذي يزداد كل يوم ذيوعاً وإيذاء وإضراراً، أين وزارة الشئون الاجتماعية لتفكر في هذا الأمر وتروي فيه وتصف له دواؤه بالنصيحة أو بالعقاب.

إن الأمر خطير كل الخطورة، وأثره في معيشتنا وفي أحوالنا النفسية بعيد، فليتعاون الناس على درء هذا الشر الذي لا يحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم. . .

عبد الوهاب عزام

<<  <  ج:
ص:  >  >>