فرانسيز) سؤالين إلى كرافتشنكو أوقعاه في حيرة بالغة، وكان السؤال الأول: هل يستطيع كرافتشنكو أن يذكر لنا شيئاً عن نهاية (منزل العروس)؟ وأرتج على المؤلف الروسي وعجز عن الجواب ولم يدرك ما وراء السؤال. . . عندئذ تهيأت الفرصة لخصومه فانبثوا ينعتونه بالكذب والخداع؛ كيف يعجز عن تذكر مسألة أفرد لها بعض الصفحات في كتابه وهو يتحدث عن مسرحية (منزل العروس) للكاتب النرويجي هنريك إيسن؟! وكيف يعجز عن تذكر مسألة أخرى دار حولها السؤال الثاني حين طلب إليه المحرر أن يدلي بما رسب في ذهنه عن مسرحيات دستويفسكي الثورية، وهي مسألة تناولها المؤلف من زاوية خاصة في بعض صفحات (آثرت الحرية)؟!
وهل من المعقول أن يخرج كرافتشنكو كتاباً يقع في ستمائة صفحة من القطع الكبير بهذا الأسلوب المشرق كما يقول خصومه وهذه مقالاته في الصحف الروسية تحفل بين أيديهم بهلهلة الأداء وانحطاط العبارة؟!
هذه هي القضية التي تعرض اليوم أمام القضاء الفرنسي. . . وليس من شك في أن الذين قاموا بترجمة هذا الكتاب من مختلف الشعوب إلى شتى اللغات، سيلقون بعض الحرج إذا وقف القضاء إلى جانب المجلة الفرنسية، ومما يذكر في هذا المجال أن الأستاذين محمد بدران وزكي نجيب محمود قد قاما بنقل الكتاب إلى العربية بتكليف من وزارة المعارف!
لحظات مع أمير الشعراء:
هي تلك التي نعمت فيها منذ أيام بالاستماع إلى قصيدة (النيل)، تنطلق أبياتها في أنغام ساحرة من حنجرة أم كلثوم. الشعر الممتاز يتناوله الصوت الممتاز فيحيله لحناً فريداً يمتع السمع والفكر والخيال.
أما السمع فكان مع الصوت الجميل النادر، وأما الفكر فكان مع الشعر الذي هز مكامن الشعور، وأما الخيال فكان مع الشاعر العظيم يسبح في دنياه!
نعم، كان الخيال مع الشاعر الذي أنكرته يوماً مع المنكرين ثم عدت فأنكرت ما كان من أمر نفسي. . . إن ضجيج المعاول التي كانت تحاول هدم البناء الذي أقامه الرجل في دنيا الشعر، هو الذي حال بين سمعي وبين الإنصات لتلك القيثارة الفذة! لقد كنت أصبح على أصوات المعاول وأمسى على أصوات المعاول وفي غمرة هذا الضجيج طغت الصيحات