للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول آخر:

هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى ... وإني وإياها لمختلفان

وقول القائل:

حيتك عزة بعد الهجر وانصرفت ... فحيِّ ويحك من حياك يا جمل

وقول أبي الطيب:

وما الخيل إلا كالصديق قليلة ... وإن كثرت في عين من لا يجرب

إذا لم تشاهد غير حسن شياتها ... وألوانها فالحسن عنك مغيب

من يذكر هذا وأمثاله يعرف مقدار ما عني شعراء العرب بوصف الحيوان بل بصحبته ومعاشرته.

الشعر العربي حافل بهذا الضرب من الحديث عن الحيوان.

وهو يدل على العطف عليه والإكبار من شأنه.

وقد حدثني أستاذ إنجليزي كبير من الأطباء البيطريين عن إعجابه بتكريم العرب والمسلمين للحيوان، ورفعتهم شأنه، ومعاملته ذي الروح، والرفق به على حين كان لغير المسلمين مع الحيوان شأن آخر، وقد كتب هذا الأستاذ في هذا المعني رسالة.

هذا موضوع واسع لا تسعه إلا المؤلفات الكبيرة، ولكني عرضت له هنا لأذكر كلف هذا الشاعر العربي الموصلي بوصف الحيوان والعطف عليه والعناية بأمره سنة شعراء العرب، ثم فرحه بطائر عشش عنده وجاوره وصاحبه.

زوجان من الخطاف اتخذا في قبة حجرته عشاً فلم يرعهما، بل أنس بهما، وسعد بصحبتهما، وذكرهما في شعره مرات،. وجعلهما من محاسن حجرته، ومما يرغب أصدقائه في زيارتهما.

انظر قوله في أرجوزة يستدعي صديقاً له:

لنا مغن حسن الغناء ... وقهوةٌ ضاحكة الإباء

وغرفة فسيحة البناء ... طائرة القمة في الهواء

يوطن في قبتها العلياء ... زور خفيف الروح والأعضاء

محلق في كبد السماء ... وتارة يلصق بالغبراء

<<  <  ج:
ص:  >  >>