للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنسن بنا أنس الإماء تحببت ... وشيمتها غدر بنا وإباق

مواصلة والورود في شجراته ... مفارقة إن حان منه فراق

فزر فتية برد الشباب عليهم ... حميم إذا فارقتهم وغساق

فهذه غرفة يضرب السحاب عليها رواقة، تقسمها جماعة الخطاف، وهي في ألوان أهل الهند، فهو يسميها زوار من الهند وهو يسمع أصواتها عجما لا تبين، وهي تتصايح وتتطاير وتختلف أحياناً فتتشاجر كأنها كواعب من الزنج في خصام.

وقد أنس هؤلاء الزوار بهذه الغرفة، كالإماء المتوددات، ولكنهن لا يقمن على حال فهن يهجرن الغرفة ولا يرعين الصحبة والجوار، وإنما تقيم إبان الربيع والورد في شجره. فإن فارق الورد فارقت فما ودها إلا كهذه الزهرة، سريعة الذبول قصيرة اللبث.

هكذا يفتن شاعرنا في وصف جارته وإعجابه بها، وذكر ألوانها وأصواتها , ومرحها وخصامها، وهذا لاشك ضرب من الشعر الطبيعي الإنساني، يؤلف بين الإنسان وبين ما يحيط به من حيوان وجمال، وهو في أدبنا كثير، ولكنه في حاجة إلى المتنوية والجمع والترتيب.

والسري يعد شاعر وصاف يفتن في الوصف، ويتناول بها الطبيعة: سمائها ونجومها وسحبها، والأرض: أنهارها وغدرانها ورياضها وحدائقها، والصناعات البشرية من القصور والتماثيل والسفن وغيرها. ولا يتسع المجال للإتيان بأمثلة في هذه الموضوعات فأكتفي بمثالين:

قال يصف السفن:

كل زنجية كأن سواد الليل ... أهدي لا سواد الأهاب

تسحب الذيل في المسير فتختا - ل وطوراً تمرمر السحاب

وتشق العباب كالحية السوداء ... أبقت في الرمل أثر انسياب

وإذا قدمت رءوس المطايا ... للسري قدمت من الأذناب

وقال يصف الجراد:

وجحفل من جنود الله منتشر ... مثل الخناصر منقوش الحيازيم

يحل بسطة إقليم فإنه عصفت ... به الصبا صيرته جو إقليم

<<  <  ج:
ص:  >  >>