القاهرة يذهبون إلى زيارتهم من حين إلى أخر، فظن الرجل أن يكونوا قد أرسلوها إليهم ليخفوها، أو أنهم تركوها شريدة في شوارع العاصمة. فاستأنف بحثه فيها واستعان ببعض أقاربه وأقاربهم هنا، وصاروا يتفرسون في كل فتاة يقابلونها في الأزقة والطرقات عساها أن تكون ضالتهم المنشودة.
وحدث في الشهر الماضي أن وقع نظر أحدهم على فتاة فقيرة في أحد الأحياء الوطنية تشبه ملامحها - بعض الشبه - ملامح ابنتهم المفقودة فتعقبها عن بعد إلى أن وصلت إلى مسكنها المتواضع، ثم أرسل إليها خالتها التي تحققت من التفرس فيها ومن حديثها معها ومن الكشف على بعض مميزات في جسمها أنها أبنة أختها المفقودة، فلجأ إلى البوليس وهناك قصت الفتاة تاريخها من بدء ما أمكنها أن تذكر إلى حالتها الراهنة.
قالت إنها تذكر أنها كانت مع امرأة اعتادت أن تعاملها بخشونة وتضربها بقسوة، ثم انتقلت من منزل إلى منزل لا تستطيع الإرشاد عن أماكنها، وكانت تخدم في البيوت، وأخيراً التحقت بخدمة أسرة تجاور كاتب هذه السطور، وكان لرب هذه الأسرة خادم يعمل في محل تجارته فتزوج الفتاة من نحو عامين وتركت الخدمة وعاشت مع زوجها راضين قانعين بما قسم لهما من شظف الحياة. ومنذ بضعة شهور ولدت طفلا ففرح الزوجان به فرحاً شديداً وانصرفت الزوجة إلى العناية بمولودها والسهر عليه ولقيت من مخدومتها السابقة كل مساعدة. . . إلى أن فوجئت بطلبها إلى مركز البوليس هي وزوجها على الوجه المتقدم.
وهنا قامت مشكلة على جانب من الخطورة، فقد كان من المستطاع حل المسألة على خير وجه بأن يساعد والد الفتاة، وهو غني، زوج ابنته الفقير على رفع مستواه حتى يصبح كفئواً له فيؤجر له مثلا بعض أطيانه بإيجار قليل في بادئ الأمر، أو يقيم له متجراً يرتزق منه الخ. . . ولكن وقفت عقبة أمامهم عقبة كؤود فقد اتضح أن الزوجة وأسرتها من الأقباط المسيحيين، وكانت الفتاة قد تزوجت هذا الشاب المسلم وهي تجهل حقيقة أمرها وتعتقد أنها مسلمة مثله. ولم يكن أهل الزوجة على درجة من التعليم وسعة العقل والتسامح الديني يجعلهم يقبلون هذا الزواج الذي تجيزه المسيحية والشريعة الإسلامية على السواء؛ بدليل زواج الكثير من المسلمين بالأجنبيات المسيحيات بقبول أهل الزوجة ورضاهم. لهذا عارض والد الفتاة وأقاربهم في استمرار زواج ابنتهم بزوجها هذا، وقالوا إنهم سيطلبون من