وانحراف عن الجادة، والكتب في أيدنا مجلات تدغدغ الغرائز بالصور العارية والأفكار العارية، والترويح عن النفس في رأينا ميل إلى كل تسلية تافهة وكل لهو رخيص! هذا هو الفن عندنا وعندهم. . . وإذا كنت قد دفعت إلى شيء من الاستطراد فإن الحديث في مجال الفن يغري به ويدعو إليه وحسب المسرح هناك هذا الامتلاء، وحسبه هنا هذا الخواء!
شهداء المثل العليا:
قرأت بتأثر بالغ تلك الفصول التي كتبها في (المصور) القائمقام الشهيد فهيم بيومي قبل أن يودع مثله العليا في الطريق إلى الله. . . فصول كتبها بمداد قلمه ثم ختمها بدماء قلبه، وعلى صفحات (المصور) وفوق ثرى الأرض المقدسة ترك البطل الشهيد وصيته لأصحاب المثل العليا: سطورها من وقدات الفداء ونبل التضحية، وألفاظها من لفحات الجهاد وصدق البطولة، ومعانيها من وثبات وحرارة الأيمان!
فهيم بيومي ومن قبله أحمد عبد العزيز ومن بعدها أبطال وأبطال. . . وفي سبيل الله والوطن دماء فجرها القدر عيوناً لتسقي بها رمال الصحراء! لقد كانوا أصحاب مثل عليا في سبيل مثلهم عاشوا على الأرض وفي سبيلها صعدوا إلى السماء: أرواحهم على أيديهم وأنظارهم إلى الأفق البعيد، وهمساتهم في رحاب المجد أشواق. . . ولقد مضوا إلى غير رجعة، وبقيت منهم الذكرى تعبق في آفاقنا بأرج الحب، وتعطر مآقينا بدموع الوفاء، وتملأ تاريخنا برنين الخلود! يا رحمة الله لكم يا أبطال!. . لقد كان شاعرنا ينطق بلسانكم حين قال:
أخي إن جرى في ثراها دمي ... وأطبقت فوق حصاها اليدا
ففتش على مهجة حرة ... أبت أن يمر عليها العدا
وقبل شهيداً على أرضها ... دعا باسمها الله واستشهدا