المنسوبة - إلى تلك الهائمة - ليست من صنعها، وإنما هي من صنع صاحبها المتيم، يعرف ذلك كل من قرأ شعر الطبيب الشاعر، ويعرف ذلك أيضاً كل من عرف هذه الهائمة، وعرف (مقدرتها) على نظم الشعر) ويقول الأديب صبري حسن علوان بكلية العلوم: (وماذا تريد أماني من الأماني؟ أأن تكون ليلى القرن العشرين، حتى يكثر في حبها المجانين. . . أم أن تناجي. . وليس إلا أن تناجي. . . أم أنها رأت الجرائد والمجلات لا تنشر إلا كل غريب جديد فبالغت في الأغراب والتجديد. . .؟)
أما من حيث الإنتاج نفسه، فأنا لم أعرف الهائمة ولم أعرف (مقدرتها) على نظم الشعر ولكني أعرف الشاعر الكبير الدكتور إبراهيم ناجي (خليفة عمر بن أبي ربيعه) وأعرف شعره، وأزعم أني أجد في الأبيات المنسوبة إلى الهائمة. وننظر في الأبيات من ناحية أخرى، وهي ناحية الصدق في التعبير، تقول:
تعال إلى القلب بعد العذاب ... فقد مر عمري وولى سدى
يناديك قلبي هوى واشتياقاً ... فما لك لست تجيب الندا
فإذا فرضنا أنها كانت في عذاب قبل الدكتور ناجي، وأن عمرها ذهب سدى قبل الهيام به، وأن قلبها يناديه ويهواه ويشتاقه، فهل هو لا يجيب الندا؟ ما أظن ذلك وتقول:
أبيت على لهفة للقاء ... ولكن أخاف حديث العدا
فكم ليلة يا قرير الجفون ... تركت جفوني بها سهدا
ولنفرض أيضاً أنها باتت تتلهف على لقائه، فهل تخاف حديث العدا من تنشر هوى قلبها العالم العربي. . .؟ وهل من مقتضيات (العلاقات الأدبية بين الشعراء) أن يبيت الشاعر قرير الجفون الشاعرة يستبد بها السهد ليالي كثيرة؟
ونتابع البحث عن صدق التعبير فنرجع إلى الأبيات التي نشرت للهائمة في (البلاغ)
وجاء فيها هذا البيت:
أراني شقياً حزيناً ... فيا نفس أين الرجاء
وكان ينبغي لتكون صادقة التعبير أن تقول إنها (شقية) أما (الشقي) فهو غيرها. . .
وأنا أعلم أنه لا يرضيها أن تحلل (أبياتها) على ذلك النحو ولكن كيف رضيت أن تقولها؟ أو تظن أنها لا تشتمل على ما يثقل التبعة؟ هي مسكينة على كل حال ولكنا بازاء باب