لمكافحة مشروع مارشال. وكان أبرز هذه الخطوات في مجال السياسة تأليف (الكومنفورم) وهو المركز الرئيسي الرسمي للشيوعية الدولية (وكانت روسيا قد حلته خلال الحرب) وجعلت قيادته المركزية في العاصمة البلغارية، وتلا ذلك نشاط عسكري في مناطق الثورات الشيوعية في اليونان والصين واتخذت المساعدة السوفيتية ليهود فلسطين دوراً عملياً لم يشعر العرب بخطورته إلا بعد سنة من استمراره.
ولم تقتصر روسيا في إجابتها على تحدي مشروع مارشال على هذه الخطوات السياسية والعسكرية، بل أردفتها بنشاط اقتصادي تدريجي شبك الروس فيه اقتصاديات دول شرقي أوربا بعضها ببعض ثم ربطتها جميعاً بالاقتصاد السوفيتي. وهذا في الواقع عملية ابتدأت روسيا بالعمل بها منذ أن احتلت شرقي أوربا أثر تراجع الألمان عنها ١٩٤٥، وكانت وسائل موسكو لتحقيق هذه السيطرة الاقتصادية سلسلة من المعاهدات التجارية ركزت الإنتاج الصناعي والزراعي في منطقة نفوذها في بوتقة التبادل التجاري الإقليمي. وقطعت دول شرقي أوربا الجزء الأكبر من معاملاتها التجارية مع أوربا الغربية والعالم الخارجي إجمالا. ثم جعل الميزان التجاري في جميع الدول الشيوعية المتحالفة متمشياً مع رغبات الاتحاد السوفيتي الذي أصبح بحكم هذا التوجيه وبما له من سيطرة ونفوذ سياسي، العنصر السياسي في الكيان الاقتصادي في شرقي أوربا وهي جزء من العالم يضم ست دول تبلغ مساحتها حوالي عشرة ملايين ميل مربع وعدد سكانها ٢٦٢ مليونا من الأنفس.
وأستمر نشاط الروس في منطقة نفوذهم لتدعيم النظام الشيوعي ومكافحة الغرب الانجلوسكسوني في ميادينه الاقتصادية والسياسية والفكرية، وظل العالم الخارجي لا يعلم إلا قليلا عن مدى اتساع هذا النشاط ومبلغ نجاحه بسبب الرقابة السوفياتية الشديدة. ولكن المتتبعين للشؤون الروسية قدروا بأن جواب موسكو على مشروع مارشال الذي أحرز قسطاً من النجاح للغاية التي وضع من أجلها - جواب روسيا سيكون من نوع التحدي. وقال الخبراء بأحوال منطقة النفوذ السوفيتي أن هناك خططا اقتصادية منسقة يعمل لها السوفيت بالتعاون مع الحكومات الشيوعية القائمة هناك. وكان هؤلاء الخبراء يطلقون اسم (مشروع مولوتوف) على النشاط السوفيتي. وفي الأشهر الأخيرة كاد العالم أن ينسى أن هناك شيئاً اسمه مشروع مولوتوف، لندرة ما تتناوله الألسن، على عكس الدعاية الواسعة