وسهونا عن قص أجنحة العمـ ... ر بما يصلح المعاد فطارا
وكأنه في هذه الأبيات يجمل سيرته، ويذكر خلاصة ماضيها وتجاربه.
ويقول في أبيات أخرى.
وطامعة ترى الخرِّيت فيها ... كأمي تناوله كتابا
لبست قتامها وخرجت منها ... خروج مهند سلب القرابا
بسير يحرق النار اشتعالا ... وعزم يسبق الماء انصبابا
ولما قل منتقدٌ وأمت ... بغاثة كل منتحل عقابا
وأصبح منسم الدنيا سناما ... وخر الرأس وارتفع الذنابى
شمخت بأنف فضلى عن مرام ... يضم أُسود بيشة والذئابا
وكم أرسلت من مثل شرود ... سري في ظهر قافية وغابا
مدح الغزي كثيراً من أمراء المشرق وملوكه، كبني نظام الملك، والسلطان سنجر بن ملكشاه.
وفي شعر الغزي، كالابيوري والأرجاني - وهم عرب خلص عاشوا في إيران وما يتصل بها في ذلك العصر وقد حيت اللغة الفارسية وازدهرت آدابها - في هذا الشعر مجال واسع لتأريخ الأدب العربي وقياسه بالآداب الأعجمية التي نشأت في حضانته وتحت سلطانه، وبيان مكانته في تلك الأقطار.
وفيه كذلك إبانة عن نزعات شعراء العرب في الأقطار الأعجمية واعتدادهم بأصولهم وتشوقهم إلى أوطانهم.
وقد سبق أبو الطيب المتنبي إلى الحنين إلى الشام، وافتقاده بني قومه حينما رحل إلى فارس أشهراً قليلة مدح فيها ابن العميد وعضد الدولة فقال:
أحب حمصا إلى خناصرة ... وكل نفس تحب محياها
وذكر مواطن لهوه في تلك الأصقاع. وقال أيضاً في وصف شعب بوان:
ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان
ملاعب جنة لو سار فيها ... سليمان لسار بترجمان
وافتقد ما ألف في دمشق من ضيافة فقال: