يورث في نفوسنا نوعاً من المهانة، فتستكين لتشريعات الغير، بينما يجب أن نتمسك بتشريعات الإسلام، لا بدافع من نعرة دينيةرجعية، ولكن بدافع من المحافظة على روح الأمة العربية، وصيانة كيان حياتهم الاجتماعية وكل ما في القرآن الكريم والحديث الشريف من مثل عالية يجب أن تؤسس عليها الأخلاق العربية. وكل ما يتضمنه هذا الكلام المقدس من حكم يجب أن تقوم بها أهواءنا ورغباتنا، حتى تصفو نفوسنا مما علق بها من شوائب المدنية الحاضرة، وتعيش في كنف حياة روحية ترتاح إليها عقولنا العربية، فتقدر أن تستوحيها، وتنهج سبل التطور إلى أن تكيف التعاليم الإسلامية بظروف الحضارة المعاصرة بدون أن تفقد شيئاً من أصالتها.
فإخراج هذه التعاليم من منابر لجوامع إلى ساحة الحياة الاجتماعية يعد أمرا ًضرورياً لنهضتنا الحضارية. إن غاندي عندما علم الهنود المقاومة السلبية قد أضاف إلى مبدأ عدم العنف الهندوكي من القوة ما ألهب مشاعر قومه الدينية، وأرهب الإنجليز وهزا إمبراطوريتهم، فكان عمله هذا أعظم عمل ديني أداه هندي لوطنه. فنحن نريد أن نشعر بقوة مفعول تعاليمنا الدينية في أعمالنا وتصرفاتنا حتى يزداد إيماننا بها قوة، ولا نفكر في أن نتخلى عنها، ونبذل جهد الطاقة لكي نبثها في جميع صور الحياة الدنيوية، فيكون ذلك باعثاً رفيعاً على طلب الرقي، ودافعاً عظيما ًإلى تشييد حضارة عربية تستمد مقوماتها من صلب التعاليم الإسلامية، وتجاري المدنية الغربية في نفس الوقت.
عبد العزيز محمد الزكي
مدرس الآداب بمدرسة صلاح الدين الأميرية بكفر الزيات