هذه الحقيقة المؤلمة التي يحس لذعها الرجل، وهي أنه يوم تؤرخ هذه الفترة من أدبنا العربي المعاصر فلن يذكر فيها أسمه إلا في مجال التسجيل الإحصائي!.
إن الثقافة المهوشة والمعومات المبعثرة لا يمكن أن تحتل مكانها في تاريخ الأدب، إلا إذا قدر لتاريخ الأدب أن يكتبه المعجبون بقلم الأستاذ سلامة من قراء (النداء)!!.
كرافتشنكو مرة أخرى:
إنك تذكره بلا ريب. . هذا الموظف الروسي الكبير صاحب (آثرت الحرية). ولقد حدثتك في عدد مضى من (الرسالة) عن الكتاب وصاحبه، وعن تلك الضجة التي أثارتها حوله مجلة (لي ليتر فرانسيز)، وهي الضجة التي شغلت الرأي العام الفرنسي قبل أن تأخذ طريقها إلى القضاء، وشغلت الرأي العام في العالم بعد أن دفع بها كرافتشنكو إلى أيدي العدالة مطالباً بمعاقبة خصومه طبقاً لنصوص القانون!.
يقول خصوم المؤلف الروسي إنه كذاب يبرأ منه كتابه بكل ما حوى من تضليل وخداع. . . ويقول كرافتشنكو إن لديه الدليل على صحة كل رأي سجله، وكل قصة أتى بها، وكل حادث أورده وأستند إليه. والرأي العام بعد ذلك موزع الفكر بين مزاعم ومزاعم، وبينوثائق ووثائق، وبين شهود وشهود، يترقب اليوم الذي يقول فيه القضاء كلمته. . . وإنها لكلمة تقرر مصير الكتاب ومستقبل صاحبه، وتحدد مكان الخصوم وسمعة الصحيفة الفرنسية.
كرافتشنكو في رأي خصومهه سكير ومحتال وجاهل وكذاب وخائن. ولكن تجريحهم لشخصيته يستند أول ما يستند إلى تلك الدعامة الكبرى من دعائم الاتهام وهي الكذب. أنهم يسلكون شتى الطرق بغية الوصول إلى هذا الهدف الذي تتحطم على صخوره كل حقيقة من حقائق (آثرت الحرية)، وهو أن كرافتشنكو كذاب بالطبع والسليقة.
في هذه الدائرة يحصر القائمون على أمر المجلة الفرنسية جهودهم ويستمدون أدلتهم من واقع الكتاب وواقع الحياة. أما واقع الكتاب فقد قدمت إليك منه ثلاثة نماذج لثلاثة أسئلة وجهها الخصوم إلى صاحب (آثرت الحياة) عن بعض ما عرض له من وقائع هي في رأيهم أوهام وأباطيل. وأما واقع الحياة فقد خطر لهم أن يواجهوا كرافتشنكو بزوجته السابقة لتدلي برأيها فيمن كان أقرب الناس إليها، تلك التي كانت في يوم من الأيام أقربهم إليه. . . ومرة أخرى يقف كرافتشنكوا في مهب العاصفة! إن الزوجة السابقة تقف اليوم في ساحة