القضاء لتنعت زوجها بالكذب وسوء الخلق وانحراف الطبع، وإنها لتنتزع الأدلة على صدق قولها من أعماق الذكريات، ومن واقع تلك الفترة التي جمعت بينهما تحت سقف واحد ثم دفعت بكل منهما إلى طريق. . . ولقد كان زواجهما منه جحيماً لا يطاق، خرجت منه بطفل تدعو الله ألا يرث شيئاً من أخلاق أبيه!
وهنا يقف كرافتشنكو ليزأر كحيوان جريح: أن هذا الذي تنطق به محض افتراء دنيء وادعاء باطل. . . أليس عجيباً ألا أسمع إلا في هذه اللحظة بأنني أب لطفل لا أعلم شيئاً من أمره ولا متى ولد؟! أن الملقن الحقيقي لهذه الشهادة الملفقة هو الجستابو الروسي ولقد بعث بها من موسكو إلى هنا لتشهد ضدي. . . هذه السيدة المحترمة التي لقي أبوها حتفه في مجاهل سيبيريا تحت وطأة التشريد والتعذيب!
وتنهض الشاهدة مرة أخرى لتصرخ في وجهه: إنك أكبر كذاب يا كرافتشنكو. . لقد طلبت إليك يوماً أن تساعدني على تربية طفلك فضننت عليه بعطفك دون أبوتك، أما أبي فقد مات على فراشه في موسكو ولم يمت كما زعمت في مجاهل سيبيريا! وإنك بعد ذلك لفي الطليعة من صفوف الخونة. . لقد أنكرت بنوتك لوطنك بالأمس في (آثرت الحياة) وأنكرت أبوتك لولدك اليوم في ساحة القضاء!
هذه هي المفاجأة الثانية من مفاجآت القضية المثيرة التي يترقب الناس نهايتها بشغف بالغ واهتمام كبير. . وفي انتظار كلمة القضاء نستطيع أن نؤكد حقيقة ليس إلى إنكارها من سبيل، وهي أنه لو قدر لكرافتشنكو أن ينتصر على خصومه لكان انتصاره لطمة قاسية للشيوعية الروسية والفرنسية! ترى من سيخرج من هذا النضال مرفوع الرأس! سؤال تجد الجواب عنه في الغد القريب.
رسالة من أديب ثائر:
سيدي الأستاذ أنور،
هذه الرسالة لك وحدك لا للبريد الأدبي. . كيما أضمن الحرية لقلمي.
بلى يا سيدي، هاأنذا وقد رجعت إلى عدد (الرسالة) الماضي كما أشرت أراني قد حرت وفي مخيلتي ما أعجز عن أن أصوره بيراعي. ولقد نقلت لنا في تعقيبك على كلمة الأستاذ الصعيدي في مسرحية (الملك أوديب) بأنه إنما بني انتقاده للمسرحية على أنها من