الأساطير، فهي من ألاعيب كهان جهلة - كما زعمت مما جعلك تسترسل في قذفك له بذلك التهكم اللاذع، حين رميته بسذاجة النظرة الخ. . ويا ليت الأمر قد وقف بك عند هذا الحد، ولكنك قد اجترحت ما لا تغفره لك لغة قومك ولغتك التي نسبت إليها النقص! وإني أحيلك يا من تعرف غير لغتك إلى البحث عن أصول فن المسرحية والمبتغى منه. . . ثم لتراجع المسرحية مرة أخرى وترجع بعد ذلك إلى رأي الأستاذ الصعيدي مدققاً النظر: هل ما أراد هو ما أردت، أم أنه رأى فيما أورده (سوفوكليس) من حوادث مضطربة في مسرحيته بعداً عن الغرض الذي سيقت له؟ وهل بلغت أوج الكمال الغني أم أنها بحق ألاعيب كهان جهلة. . .؟
وكأين من عجلة تجر صاحبها إلى حيث تتقطع راحتاه من الطرق على أبواب الندم.
وإلى الأستاذ أطيب تحياتي.
الثائر
محمد الهادي عطية
هل تستطيع أن تخرج بشيء من هذه الرسالة الرائعة؟ إنها امتحان عسير لمقدرتك على الفهم، وتجربة طريفة لاختبار مقاييس الذكاء. أما أنا فقد رسبت في الامتحان وأعلن ذلك على رءوس الأشهاد! لماذا نشرتها إذن وقد بعث بها صاحبها إلي وحدي؟ لقد نشرتها لسبب واحد، هو أن أطمئن حضرة الثائر على أن أعصابي تحتمل في كل يوم كثيراً من اللغو الذي يضيع معه الوقت والفائدة، ولأطمئنه أيضاً على أني كما أبيح لقلمي أبيحها لأقلام الناس ولو بلغو من النبوغ هذه المرتبة العالية التي بلغها السيد عطية!
لقد خشي الأديب الثائر - وأتوسل إليه أن يترفق بأعصابه حرصاً على صحته الغالية - خشي أن يبعث بكلمته إلى (الرسالة) فلا تحظى بعطف (البريد الأدبي)، ومن هنا بعث بها إلي كي يضمن الحرية لقلمه!
ترى هل اطمأن على أن كلامه القيم قد اطلع عليه القراء؟ هذا هو الأمر الوحيد الذي تقطعت بسببه راحتاي من الطرق على أبواب الندم!