للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تسمع في العصر الحديث عن عجائب المخلوقات فهل سمعت عن عجائب الترجمة؟

هذا موضوع طريف أعددته للنشر والتعقيب، ولكن الأستاذ الجليل صاحب الرسالة قد سبقني إلى الإشارة إليه في ثنايا كلمته التي طالعها القراء في الأسبوع الماضي حيث قال: (يقع الحادث اليوم بمرأى من الناس ومسمع، فتحكيه الألسن وترويه الصحف، فلا تجد لسانا يوافق لسانا، ولا صحيفة تطابق صحيفة! وتقرأ صحف العاصمة في حادثة من حوادث المدن، أو واقعة من وقائع الأقاليم، أو أمر من أمور العالم، فتجد له في كل جريدة رواية تناقض كل رواية، وصيغة تعارض كل صيغة، حتى ليبلغ الخلاف بينها حد التغاير، فتراها مثلاً يوم الأحد الماضي تجمع على أن الشرطة اكتشفوا في شارع من شوارع القدس لغماً من البارود، ولكن (البلاغ) تنفرد بأن الذي كشفوه منجم من الرصاص!)

هذه هي إشارة أستاذنا الزيات إلى إحدى عجائب الترجمة حيث انفردت بها جريدة البلاغ. والخبر الذي أذاعته وكالة (اليونيتديرس) وترجمته الصحف المصرية ومنها (البلاغ) يتمثل في هذه الكلمات: (أكتشف مراقبو هيئة الأمم المتحدة لغما أرضيا في الطريق الموصل إلى بيت الحكومة في القدس، حيث يقيم أعضاء لجنة فلسطين التابعة للهيئة. وقال المراقبون إنهم تتبعوا السلك المتصل باللغم إلى أن وصلوا إلى نقطة تابعة لإسرائيل المزعومة، وإن اللغم كان في المنطقة المحايدة التي تحيط ببيت الحكومة. وأضاف المراقبون إلى ذلك أن تقريراً بهذا الحادث سيرفع إلى المستر تريجفي لي السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة. . . الخ).

لغم في كل الصحف ومنجم رصاص في (البلاغ). . والذنب في ذلك ذنب المترجم اللبق الذي رجع إلى القاموس فاكتفى بالمعنى الأول لكلمة ولم يكلف نفسه عناء الاطلاع على المعنى الثاني! ولو فرض أن المترجم (البلاغ) لا يعرف غير معنى واحد للكلمة فكيف غاب عن ذكائه أن الكشف عن منجم رصاص لا يستحق أن يرفع بشأنه تقرير إلى سكرتير هيئة الأمم المتحدة؟! كيف غاب عن ذكائه أن المعنى المقصود لا يستقيم مع (منجم الرصاص) فلابد للكلمة من ترجمة أخرى؟!

(تشنيعة) على السير ريالزم:

<<  <  ج:
ص:  >  >>