للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرنجي، وغنم سائر ما فيها من الأزواد والأقوات، وحملت الأسرى على الجمال إلى المعسكر، فأنقطع المدد من دمياط عن الفرنج، ووقعه الغلاء عندهم، وصاروا محصورين لا يطيقون المقام، ولا يقدرون على الذهاب، وقوى المسلمون عليهم، وطمعوا فيهم، وأراد الفرنج الانتقام، فأخذوا من مراكب المصريين سبع حراريق، وأرسلوا إلى دمياط في طلب الميرة، فجاءت مراكبهم تحملها، فالتقت بها شواني المسلمين، وأخذت منها اثنين وثلاثين مركباً، منها تسع شوان، فاشتد الغلاء عند الفرنج، وشرعوا في مراسلة السلطان يطلبون الهدنة.

وفي عهد بيبرس أراد السلطان أن يغزو قبرص، ويستولي عليها، فلم علم أن صاحبها قد قدم عكا بمراكبه، نجدة لأهلها، انتهز فرصة خلوها، فجهز سبعة عشر شينيا، وصلت الجزيرة ليلا، فهاجت عليها ريح طردتها عن المرسى، وألقت بعض الشواني على بعض، فتحطم منها أكثر من أحد عشر شينيا، وأخذ من فيها من الرجال والصناع أسرى، وكانوا زهاء ألف وثمانمائة نفس، فعظم ذلك على الظاهر بيبرس، وأرسل صاحب قبرص رسالة كتاباً إلى السلطان، يشمت به فيه، فرد عليه السلطان بجواب أرعد فيه وأرق وقال فيه: إلى حضرة الملك. . . نعلمه أن الله إذا أسعد إنسانا دفع عنه الكثير من قضائه باليسير، واحسن له بالتدبير فيما جرت به المقادير، وقد كنت عرفتنا أن (الهوى) كسر عدة من شوانينا. . . ونحن الآن نبشره بفتح القرين، وأين المبشارة بتملك القرين، من البشارة بما كفى الله ملكنا من العين، وما العجب أن يفخر بالاستيلاء على حديد وخشب، الاستيلاء على الحصون الحصينة هو العجب. . . وليس من أتكل على الله وسيفه كمن اتكل على الريح، وما النصر بالهواء مليح، إنما النصر بالسيف هو المليح. . . وأن عدمت من بحرية المراكب آحاد فعندنا من بحرية المراكب ألوف، فلئن كنتم أخذتم لنا قرية مكسورة، فكم أخذنا لكم من قرية معمورة، وان استوليتم على سكان، فكم أخلينا بلادكم من سكان). ثم أصدر بيبرس أمراً بإنشاء عشرين شينياً، وبذل جهده في الإسراع بصنعها، فلما كملت احتفل بإتمامها، وخرج لأستعرضها، ولكنه لم يحاول غزو قبرص مرة أخرى.

وقد رأينا ما كان من انزعاج الفرنج عند ما سمعوا باستعراض خليل بن قلاوون أسطوله الضخم في النيل، فأرسلوا إليه الهدايا طالبين الصلح، واستطاع الأسطول المصري في أيام

<<  <  ج:
ص:  >  >>