والبلداء، تلك هي المعركة الناشبة منذ الأزل بين الأرض والسماء، وهذا هو ما في ما تدعوني إليه موضع العلة ومصدر البلاء! ولكنني مازلت أعتقد أن في الناس على وفرة القوالب التي أفرغوا فيها جيشاً من الخلق إلى جانب قراء الروايات والأدب السهل الرخيص، تلذ له الموجة الفكرية الوضاءة القصيرة التي تحمل شيئاً جديداً. ولا هم لي الآن إلا أن أطل بفجري وندا على هذه الدنيا المترامية الأطراف دنيا العروبة وفي رأسها مصر. فإذا سيقت وشربوا ظللت في الكرمة أسقي وظلموا يشربون حتى تفرغ الدنان، ولن تفرغ ما تبقي القلم في يدي. . .
إن كلمتك هي التي تملى على ما أكتب، وإني أتمنى أن يكون هذا الذي جرى به قلمك الجميل على صفحات (الرسالة) أول الصداقة بيننا، تنيرها الروحانية ويوثق الأدب عراها. . .
والسلام عليك من المخلص:
راجي الراعي
قصر العدل - بيروت
إلى الأديب المبدع الأستاذ راجي الراعي:
من حق رسالتك الرائعة على أن يقرأها الناس، لأنها في رأي الفن قطعة من الفكر المحلق والبيان المشرق والخيال الوثاب. ولن أنسى أنني مدين بالشكر لقطرات نداك لأنها هي التي قادتني إليك، وعلى جناحيها طفت بسمائك وحلقت في أفقك، وصافحتك بروحي من وراء الآماد والأبعاد! إن رسالتك لتؤكد لي مرة أخرى أنك تحمل بين جنبيك قلب إنسان، وتحمل بين يديك قلم فنان. . ومن هذين المنبعين يفيض إعجابي بك وتقديري لك، وكلاهما همسة يتردد صداها بين حنيا الضلوع وشغاف القلب. . .
وأنا سعيد بأن يكون هذا الذي جرى به قلمي على صفحات (الرسالة) أول الصداقة بيننا، وإنها لصداقة تنيرها الروحانية كما تقول ويوثق عراها الأدب، وشاكر لك هذا التقدير الكريم الذي أضفيته على قلم يهتز حياء من فيض ثنائك، وحسبه أنه قد اغترف يوما من فيض نداك!