درجة جيد جداً وممتاز؛ فهذه رسالة عن (الفن ومذاهبه في الشعر العربي) حظي صاحبها بمرتبته الشرف الأولى واستحق شكرا الجامعة، ومعه ذلك فقد طبعها لينتفع بها الناس فبقيت لتأتنس بها رفوف المكتبات! وتلك رسالة أخرى في الفلسفة عن (الزمان الوجودي) حظي صاحبها أيضاً بمرتبته الشرف الأولى مع لقب أول فيلسوف مصري، ومع ذلك فقد طبعها ليرفع بها رأس الفلسفة الوجودية في الشرق فلم يبقى لها وجود. . . وكم من رسائل أخرى لقيت مثل هذا التقدير وانتهى بها الأمر إلى نفس المصير. . .
تخرج من هذا كله بأن لكلية الآداب نظرتها إلى قيمة الرسائل العلمية، وأن للرأي العام الفني نظرته. والفرق بين النظرتين هو الفرق بين القدرة على جمع النصوص من بطون الكتب وترتيبها وتبويبها وإخراجها في رسالة، وبين القدرة على الغوص في أعماق تلك النصوص ومراجعتها وتمحيصها وإخراجها في نظرية أو مذهب! إن خمسين صفحة تحفل بوثبات الذهن المحلق خير ألف مرة من مئات الصفحات التي لا تزخر بغير الترديد والتقليد ولكن من يسمع؟!
لحظات مع إيليا أبو ماضي
شيء في شعر المهجر يثير إعجابي، وأوثره بتقديري، وأشعر نحوه بتجاوب الفكر والعاطفة. . . ذلك هو صلة الفن بالحياة! الحياة في شعر المهجر نفس عميق، وهمس رفيق، ونبع شعور متدفق، ولعل هذه القصيدة التي صدح بها أبو ماضي في الحفلة التكريمية التي أقيمت له منذ أسابيع في دمشق من خير ما قرأت إشراقة لفظ، ورحابة أفق، وأصالة شاعرية!
عنوان القصيد (عجباً لقومي). ومطلعها هذه الأبيات:
حي الشآم مهنداً وكتاباً ... والفوطة الخضراء والمحربا
ليست قباباً ما رأيت وإنما ... عزم تمرد فاستطال قبابا