القارئ ثروة فكرية جديدة فهو جدير بتحية أخرى قلميه! قلت هذا فكتب إلي بعض القراء عاتبين ومعترضين: إن النقد كما يقولون لم يخلق ليقصر على التنويه بالكتب القيمة والآثار النافعة لأن أصحاب هذه الكتب قد بلغوا من الشهرة والنضج وإقبال القراء ما يجعلهم في غير حاجة إلى التعريف بكتبهم والتحدث عن جهودهم، وحسبهم أن مكانتهم الأدبية قد بلغت من الصمود والمنعة ما يحاول بينها وبين الاهتزاز أمام عواصف النقد وأعاصيره! أما صغار الكتاب فما أحوجهم إلى العطف والتشجيع، والتوجيه الذي يسدد خطاهم وينمي ملكاتهم، ويغذي في نفوسهم نزعة التشوف إلى بلوغ الكمال. فالأعراض عن كتبهم أمر يثبط العزائم ويجني على المواهب ويبعث على الخمول. . . ورب شجرة تتعهد بالسقيا وتخص بالرعاية، تنموا وتشتد أعوادها وتخرج للناس كل شهي من الثمر وكل مرجو من الفائدة!
إن ردي هؤلاء العاتبين المعترضين هو أنني حين عرضت لهذه المشكلة لم أقصر إغفال الكتابة على أديب صغير دون أديب كبير، ولكني قصرته على كل كتاب يضيع معه الوقت سواء أكان صاحبه يكتب منذ ربع قرن أم كان يكتب منذ ربع شهر! أما قولهم بأن صغار الكتاب أحوج إلى التحدث عن آثارهم من كبار الكتاب؛ لأن هؤلاء الكبار تحميهم مكانتهم الأدبية من زلزلة النقد وهزات الناقدين فلا أوافقهم عليه. أن مقالا واحدا يتسم بالفهم والعمق والأصالة جدير بأن يزلزل سمعة كبر أديب من أصحاب المكانة المرموقة، وجدير بأن يبقي كتبه في رفوف المكتبات لا تمتد إليها أيد ولا ترنو عيون! ولقد أصبحنا اليوم نجتاز مرحلة فكرية بلغت الأوج وأوفت على الغاية؛ مرحلة ليس فيها أديب كبير ولا أديب صغير إلا في حساب الموازين الناضجة التي لا تفرق بين المواهب والثقافات، على ضوء الأعماق وحدها لا على ضوء الأهواء والغايات! ومع ذلك فلا بأس من الكتابة عن كتب كنت خصصتها بتحية القلب دون تحية القلم، ولا اعتراض بعد ذلك ولا عتاب!.
رسالة ماجستير في كلية الآداب:
كان ذلك في الأسبوع الماضي إذا لم تخني الذاكرة، حين توجهت إلى كلية الآداب وحملت نفسي ما لا تطيق واستمعت لمناقشة رسالة عن (العماد الأصفهاني). . . أنا لا أظلم الطالب الذي فاز بالماجستير في الآداب من درجة جيد، فكم من طلاب فازوا قبله بالدكتوراه من