فيها الفن الإنساني ذروته كما بلغها في (سليمان الحكيم)! ثم تشعب الحديث من الفن الإنساني إلى غيره مما عرضنا له من فنون.
والحق أني لم أكن قد قرأت بعد هذه المسرحية الرائعة حتى تفضل الأستاذ الحكيم فأهداها إلي في طبعتها الثانية التي ظهرت منذ قريب. . . ولقد خرجت بعد قرأتها بحقيقة ملموسة، تغيرت على ضوئها نضرتي إلى معدن الإنسانية في قلب هذا الفنان. إن من يقرأ (سليمان الحكيم) يلمس أن صاحبها يملك قلبا يهتز اهتزازا عميقا أمام جيشان العاطفة! ولكن أين كانت كل تلك النبضات الشعورية والحركات النفسية، ولم لم تفرض نفسها على بقية إنتاجه بمثل هذا التدفق الذي عطر كل صفحة من صفحات (سليمان الحكيم)؟!
هناك جواب واحد لهذه السؤال، وهو أن الأستاذ الحكيم يغلب عليه الطابع الفكري في كثير من قصصه ومسرحياته. إنه يجري وراء المشكلات النفسية وهو في ذلك يخضع للجو الذي تسيطر عليه نفسيات أبطاله، هناك حيث تجد الصراع بين ذهن وذهن لا بين عاطفة وعاطفة، ومن هنا تختفي الومضات الوجدانية في تيه من التأملات الذهنية، ولكنه في (سليمان الحكيم) شيء أخر. . . إن جو المسرحية كان جوا عاطفيا خالصا هيأ للشعور الإنساني أن يظهر على حقيقته، حين تراجع الفكر المجرد متخليا عن مكانه للروح المرفرفة والقلب الخفاق!
هذا أمر سأعرض له بالتفصيل عند الحديث عن مسرحية (الملك أديب) في الأيام المقبلة. . . كل ما أرمى إليه من وراء هذه الكلمة هو أن أقرر إنسانية الفن في شخصيته توفيق الحكيم الأدبية؛ وتلك ناحية كان يخالجني فيها الشك قبل أن أقرا (سليمان الحكيم) وقبل أن أستمع لرأي صاحبها في (شهداء المثل العليا)!
تحية قلبية وأخرى قلميه:
تحت هذا العنوان تحدثت في عدد مضى من (الرسالة) عما تعانيه الحياة الأدبية في هذه الأيام من تخمة في الكتاب وأزمة في النقاد، حتى يتعذر على الناقد أن يتسع وقته لقراءة هذا العدد الضخم من الآثار الأدبية والكتابة عنها! ثم قلت في ثنايا كلمتي إنني لم أكتب عن أي أثر أدبي يهدي إلي إلا إذا لمست فيه نفعا للأدب وفائدة للقراء، وحسب كتاب لم يتحقق فيه هذا الشرط أن أقدم إلى صاحبه تحية قلبية. . . أما الكتاب الذي يضيف إلى رصيد