للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وضمانات سياسية واقتصادية. وتوفير هذه الشروط مستطاع عملياً وقانونياً ودولياً. وستكون هذه الأقلية العربية مكونة من ستمائة ألف شخص على الأقل وهو عدد السكان العرب بموجب خارطة الأمم المتحدة للتقسيم. ولن يستطيع اليهود حين يعود العرب إلى ديارهم جلب أكثر من ١٠٠ ألف إلى ١٥٠ ألف يهودي من الخارج خلال الأعوام الخمسة القادمة، وذلك بسبب المقدرة الاقتصادية اليهودية على الاستيعاب، وهي مقدرة ستحددها تحديداً سيئاً إغلاق الأسواق العربية في وجه الإنتاج اليهودي ومنع الجوالى اليهودية في الشرق العربي من أن تعود إلى فتح المبادلة التجارية مع يهود فلسطين وتعزيز اقتصادياتهم كما فعلت في السنين السابقة عن طريق إيطاليا واليونان وغيرها. وسبب آخر هو طبيعة المجتمعات اليهودية في الخارج. فإن يهود أمريكا لمن يتركوا بحبوحة الرخاء في العالم الجديد لاختيار تجربة الصهيونية الشيوعية في فلسطين، وكذلك حال يهود غربي أوربا.

وقد تكاثرت مؤخراً الأنباء بأن النظم الشيوعية القائمة في شرقي أوربا، ونسبة أولى الأمر من اليهود فيها كبيرة، قد بدأت تحول بين هجرة ما تبقى من اليهود في منطقة النفوذ الشيوعي لتحتفظ بسند لها أمام سخط الأكثرية من غير اليهود.

والقيادة الصهيونية تتطلع إلى أن تسد هذا العجز في سياسة تهويد فلسطين ومشكلة التعدد في برنامج الهجرة الطامة - تتطلع إلى جلب الـ ٨٠٠ ألف يهودي الذين يستوطنون مختلف أقطار الشرق العربي وشمالي أفريقيا. وهذه ناحية لا يبدو أن صناع السياسة في العالم العربي يعطونها ما تستحقه من مراقبة واهتمام

ولقد كان عدد العرب في فلسطين في مستهل الغزوة اليهودية (١٩١٩) حوالي ٦٥٠ ألفاً فأصبحوا بعض مضى ٢٥ عاماً مليوناً ونصف المليون تقريباً، وذلك بسبب هذه العوامل الديمغرافية الفريدة التي ذكرها الخبير نوتستاين وغيره من الباحثين في مشاكل السكان. فنستنتج من ذلك أن بقاء ٦٠٠ ألف عربي بين ظهراني ٩٠٠ ألف يهودي الآن سيقلب أوضاع هذه الكثرية اليهودية رأساً على عقب في بضعة عشر عاما. وهذه طريقة عملية على غاية من الأهمية في تقرير مصير المطامع الصهيونية في فلسطين والشرق العربي.

كل ذلك بالإضافة إلى العواقب السياسية الخطيرة في العالم العربي إجمالا وهي التي تستلزمها رعاية مصالح السكان العرب في منطقة النفوذ اليهودي، وما سيترتب على ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>