الحكومة اليوم تواصل عملها لتحقيق الارتقاء المنشود، متخذة طريقاً أخرى، استلهمتها ولاشك على ضوء البديهية الاجتماعية المبذولة لكل مفكر، وهي أنه لن يفيد ولن يجدي في شيء أن نحاول إصلاح النظم القائمة بالتغيير والتعديل قبل أن نأخذ بإصلاح الفرد الذي يعمل في هذه النظم، ويتولاها وينهض بكيانها. فالمعهد بحكم هذا مرجوأن يكون معقد الأمل في تحقيق هذا الإصلاح باعتبار أنه المصنع الذي يخرج رؤوساً جديدة تعد أحسن إعداد لاحتضان المسرح في نظامه الديمقراطي).
وقد أشرت منذ أسابيع إلى أن وزارة المعارف تعمل على إنشاء فرقة نموذجية خاصة بطلبة معهد التمثيل، وقد كان معالي السنهوي باشا وزير المعارف السابق وافق على المبلغ المقترح لهذه الفرقة وهو ثمانية آلاف جنيه، وقدم معاليه المشروع إلى اللجنة المالية لمجلس النواب، وقد رفضت اللجنة الموافقة على هذا (الاعتماد) ورؤى إرجاء المشروع إلى العام القادم. وكان من حجة اللجنة المالية في هذا الرفض الاكتفاء بالفرقة المصرية على أن يضم إليها خريجو المعهد. ولكن الفرقة المقترحة شيء آخر غير الفرقة المصرية القائمة، لأن الأولى يرجى منها أن تنهج منهجاً آخر يقوم على استغلال الحماس الفني في إحياء التمثيل المسرحي، وهذا الحماس يخشى عليه أن يخبو وأن يثبط إذا عاشر واصطدم بالجيل القائم المتسلط، كما يقوم المنهج المرجو على الخلاص من الاعتبارات التجارية إذ يكون الاتجاه إلى تقديم مسرحيات من الأدب الرفيع، والفرقة المقترحة بعد كل هذا تؤمل أن تكون أساساً سليماً لبنيان جديد في المسرح المصري بعد أن دلت التجارب الماضية على فساد البنيان القائم.
وإلى معالي الأستاذ علي أيوب وزير المعارف الحالي أسوق الحديث، راجياً أن يتم على يديه إنعاش المسرح الراقي، وحبذا أن تحقق وزارة المعارف الغرض المنشود من الفرقة الجديدة بإمداد المعهد بالمال اللازم لإقامة الحفلات التمثيلية العامة من ميزانيتها الخاصة، حتى يستطيع أن يبرز مجهوده ويقدم ثمراته، إلى أن يتيسر إنشاء الفرقة المأمولة.