ولا ينكر أحد ما أسداه الجيل القديم لفن التمثيل، ومقدرة أفراده التي تكونت على مر السنين من المران وتنمية المواهب، ولكن هناك حقيقتين بارزتين، الأولى كسل هؤلاء الممثلين في العمل المسرحي، أوبتعبير أصح انشغالهم عن المسرح بالسينما، فهذه الفرقة المصرية تجتر الروايات القديمة التي حفظ الممثلون أدوارهم فيها فلا تكلفهم عناء في الحفظ ولا في التجارب (البروفات) وقد دعا مديرها العام الأستاذ يوسف وهبي في أول الموسم، الأدباء إلى معاونته بالتأليف، ولكن البرنامج الذي قدمته الفرقة طوال الموسم إلى الآن دل على رغبتها في الراحة من العناء في إنتاج جديد، فقد قدم لها الأستاذ محمود تيمور بك مسرحية جديدة هي (اليوم خمر) كما كتب لها أيضاً الأستاذ توفيق الحكيم مسرحية (اللص) وقد مضت شهور على فراغ الأديبين الكبيرين من هاتين المسرحيتين وتقديمهما ولم يبد ما يدل على أن الفرقة ستقدمها في هذا الموسم. وتسأل الأستاذ زكي طليمات المدير الفني للفرقة عن ذلك، فيقول: وماذا أصنع وأنا لا أجد يوسف وهبي؟ وأين يوسف؟ في (الاستديو) أي أن (مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ المسرح) ليس عنده وقت للمسرح! وهكذا نرى أن الممثلين العريقين يتخذون الفرقة المصرية (محطة) يشربون بها النبيذ المعتق ويأكلون الشطائر المعدة في (جروبي) كما يقول ديوان المحاسبة. . .
الحقيقة الثانية، وهي التي تقضى بها سنة التطور في كل شيء، أن المسرح في حاجة إلى نوع جديد من الممثلين قد يكون أقدر على التقدم بالفن ومسايرة ما جدَّ فيه. وهنا نصل إلى الجيل الجديد المرجو من خريجي معهد التمثيل وطلبته، ولاشك أن هؤلاء يمتازون بأنهم يتلقون دراسات منتظمة في الآداب والفنون وثقافة العصر، وأحرى بهم أن يكونوا - كما قال الأستاذ زكي طليمات عميد المعهد في كلمته بحفلة توزيع الجوائز على الخريجين في الأوبرا - (حجر الزاوية في حركة جديدة يكون من ورائها إصلاح وتقدم للمسرح المصري يتمان على يد الممثل نفسه وبواسطة الممثل نفسه) وقد قال الأستاذ طليمات أيضاً في تلك الكلمة (لقد جرت الحكومة منذ أكثر من عشرين عاماً، وهي تحاول الارتقاء بالمسرح، على سياسة منح الإعانات المالية للفرق العاملة وإجراء تعديل وتغيير في أنظمتها، ثم الإشراف عليها وتولى توجيهها توجيهاً فعلياً بوساطة اللجان وإصدار القرارات، وقد أفاد هذا إلى الحد الذي ترون فيه (الفرقة المصرية) كما أفاد أيضاً في إبراز كيان اجتماعي للمثل. ولكن