للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ترمي حجراً فيها).

فإن الماضي لا يقيد الحال تقييداً مطلقاً. وتحقق الوحدة والاتفاق في الماضي لا يكفي لدرء أخطار التفرقة والشقاق في الحال كما أن، حدوث التفرقة والشقاق في الماضي لا يمنع الاتحاد في المستقبل.

فيجب علينا أن نتخلص من نزعة الانشغال بالماضي كثيراً، وأن نقلع عن الالتفات إلى الوراء دائماً. فلا يجوز أن نحاول تبرير مساوئنا الحالية بنقائض أسلافنا الأقدمين، ولا أن نسعى لإلقاء مسئولية نكباتنا على عاتق تاريخنا القديم، ولا يسوغ لنا - على وجه خاص - أن نستسلم إلى دواعي الخور والكسل، وأن نتقاعس عن الكفاح والعمل، بحجة أن الحالة الحاضرة نتيجة حتمية لطبائع الأمة ولمجرى تاريخها العام.

إننا لم نستجمع قوانا المادية والمعنوية، ونحشدها لتحقيق هدفنا الأسمى بل إنما علمنا بتراخ وتردد بدون عزم قوى وتنظيم متين وإيمان عميق فأضعنا بذلك فرصاً كثيرة،

ومهما يكن الأمر، يجب علينا أن لا نقطع الأمل في النجاح في المستقبل، وأن لا نتأخر عن إعادة الكرة بإيمان أعظم، إذ يجب علينا أن لا ننسى أنه ما من أمة وصلت إلى الكمال الذي تنشده إلا بعد أن اجتازت عقبات كثيرة، وذاقت مرارة الفشل مرات عديدة، واضطرت إلى تضحيات كبيرة.

إن الأمم الحية الوثابة تتعظ بالنكبات فتندفع إلى العمل وتواصل الكفاح بحرارة أشد وعزم أمتن، كما أنها تغضب من الفشل وتستفيد من دروسه فتعيد الكرة لتضمن النجاح ولو بعد حين.

وأستطيع أن أقول: إن االايمان المتواصل القوي العميق بإمكانيات أمتنا، والعمل المتواصل لتحقيق غايتنا، والاستعداد التام للكفاح مصحوبا بروح التضحية الحقيقية، ومدعوماً بالأمل الذي لا يقهر!

، وكأني أسمع سلسلة أسئلة اعتراضيه تقابل ما قلته آنفاً:؟ ألا تلاحظ فظاعة الاختلافات التي تهز كيان جامعة الدول العربية هزاً عنيفاُ؟ ألا تشعر بالأخطار التي صارت تهدد مستقبلنا في عقر دارنا؟

بلى، إني أدرك واشعر وألاحظ كل ذلك إدراكاً تاماً وشعوراً عميقاً وملاحظة دقيقة، وأتألم

<<  <  ج:
ص:  >  >>