في لحظات التوهج والتوئب والانطلاق!. . وقف طويلاً أمام هذه الصورة الفنية التي اكتملت لها الأبعاد والزوايا في مجال التسلسل التعبيري: يضوع عطراً إذا ما عرك قلبه الأسى - يسيل ماء إذا ما حواء فدفد - يشع شهابا إذا ما طواه ليل - يجدل العواصف أسباباً للسماء إذا ما حجبت العواصف وجه السماء. . . إن الشاعر هنا لا ينظم فحسب، ولكنه يشرف من قمة الفن على الحركة النفسية في شعره، كما يشرف الجندي البارع من فوق منصته على حركة المرور في ميدان يموج بالعابرين!
بعد هذه المناجاة الحارة لشهيد ميسلون يضرب أبو ماضي بجناحيه القويين في أفق أخر، حين يعرض لموقف العرب المتخاذل من القضية الفلسطينية. . . ومعذرة إذا ما اقتصرت على ترديد أبياته في هذا المجال بيني وبين نفسي لأن قلم الرقيب هناك! حسبي أن أثبت هنا هذه الصرخات:
دنياك يا وطن العروبة غابة ... حشدت عليك أراقماً وذئابا
فالبس لها ماء الحديد مطارفاً ... واجعل لسانك مخلباً أو نابا
لا شرع في الغابات إلا شرعها ... فدع الكلام شكاية وعتابا
هذي هي الدنيا التي أحببتها ... وسقيت غيرك حبهاأكوابا
إن وراء هذا الشعر شاعراً جبار الجناحين مكتمل الأداة!
رأي في ترجمة آلام فرتر:
في جلسة جمعت بين نفر من أسرة (الرسالة) وزائري ندوتها الأدبية، دار حديث عابر حول الكلمة التي عقبت بها على رأي الأستاذ سلامه موسى في ترجمة آلام فرتر للشاعر الألماني جيته. . . وكان التعليق الوحيد من الأستاذ صاحب (الرسالة) هو أن مد يده إلى أحذ أدراج مكتبه، ثم أخرج منه رسالة بعث بها إليه المستشرق الألماني الدكتور جولياس جرمانوس حول ترجمته العربية لآلام فرتر. وتناولت الرسالة وقرأتها فإذا هي قطعة من التقدير العميق والإعجاب البالغ، بترجمة يقول عنها الدكتور جرمانوس إنها تستحق منه خالص التهنئة على مطابقتها للأصلين الألماني والفرنسي، مطابقة بلغت الغاية في الأمانة والصدق وبلاغة الأداء!
ولم أجد بداً في سبيل تحديد القيم ووضع كل شيء في مكانه، من أن أطلب إلى الأستاذ