الله له، وأمرهم بالاستعداد للجهاد. فانصرف المسلمون إلى بيوتهم يتهيئون للحرب، ويعدون السلاح، ودخل رسول الله إلى بيته بعد صلاة العصر ومعه أبو بكر وعمر. فتقلد سيفه وقوسه وعصب بعمامته رأسه وخرج يتفقد المسلمين.
- ٥ -
سار النبي صلى الله عليه وسلم في سبعمائة من أصحابه حتى بلغوا (أُحُداً) وقبل أن يلتحم الفريقان، وقف القائد الأعظم، يستعرض جنده، ويهيب بهم أن يثبتوا ويصبروا، ويحمسهم ويزكي نفوسهم. . . وبينما رسول الله يستعرض الجيش، إذا به يجد فتى صغيراً أخذ يتطاول على أطراف أصابعه ويعلو بنفسه، فإذا هو (رافع بن خديج) فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً من عمله، وربت على كتفه، وتقدم منه وسأل عما يحسن من فنون الحرب، فقيل له بأنه رام يجيد ضرب السهام، فسمح له بالخروج. . . وتباع استعراضه حتى وقف على (سمرة بن جندب) وكان فتى حدث السن لدْن العود غض الجسم، فأشفق عليه رسول الله من القتال وأمره بأن يرجع، وطيب نفسه، وأعجب به ودعا له، فحزن الفتى حزناً شديداً وانصرف باكياً دامع العين، حسير الفؤاد على ما فاته من أمر الجهاد. ووقع له أثناء انصرافه خاطر اطمأن إليه وفرح به، فانثنى راجعاً إلى حيث يعسكر المسلمون، وترامى على زوج أمه يبكي وقال:(أجاز رسول الله رافع بن خديج وردني وأنا أصرعه!!. . .) ثم جلس غير بعيد يتطلع بعينيه الدامعتين إلى هذه الصفوف المؤمنة التي امتلأت قوة وعزماَ، وود لو يسمح له رسول الله بالقتال مع هذا الجيش بينما انصرف زوج أمه إلى الرسول ينقل إليه ما قاله سمرة. . فأعجب رسول الله بهذا الرأي وأكبر هذا الإيمان، وأمر بأن يصارعا أمامه. . . وتشابكت الأيدي. . . وما هو إلا قليل حتى صرع سمرة رافعاً، فابتسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياه وسمح له بالقتال. . .
- ٦ -
ابتدأت المعركة، وخرج من صفوف المشركين فارس صعب المراس قوي الشكيمة يدعو للبراز، فوثب عليه الزبير وقتله، وكان كلما خرج من صفوف المشركين مبارز قتله فارس من فرسان المسلمين. حتى اختلط الجيشان، وحميت المعركة، وثار النقع، فلم يعد يسمع إلا