وإما أن يكون ناقصاً لا يعبر عن نفسيه هذا الشعب. لأنهم لا يستطيعون التعبير عن نفسيته ولا فهم عواطفه. ثم إن من العار على أمة تريد النهوض ومجاراة الأمم الأخرى الاعتماد على المستشرقين وفيهم الغالبية من الصهاينة أعداء العرب والإسلام. من أجل هذا كان سروري عظيماً بكتاب (وقعة صفين) لنصر بن مزاحم المنقري المتوفى سنة ٢١٣ للهجرة؛ لأنه أصل من تلك الأصول التي أبحث عنها والتي كتبت عن وقعة واحدة وجمعت مختلف الروايات التي قيلت عنها. وأرجو أن نوفق إلى روايات أخرى تمثل وجهة نظر أهل الشام مثل روايات عوانة الكلبي الذي كان يعرفها بحكم اتصاله بكلب التي كان لها نفوذ هناك، كما أتمنى العثور على كتب أخرى عن هذه الوقعات وعن الحوادث المهمة التي وقعت في صدر الإسلام.
ولنصر بن مزاحم مؤلفات قيمة تناولت الأحداث التي وقعت في العراق، وهو ثقة فيها وقد نقل عن مؤلفاته جماعة من المؤرخين فأعتمد على كتابه (كتاب الجمل) الذي تناول أحداث وقعة الجمل أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠ للهجرة.
أخذ ذلك عن علي بن أحمد بن الحسن العجلي عن الحسين ابن نصر العطار وهو ابن نصر ابن مزاحم المنقري. ووضع رواياته هذه مع الروايات الأخرى التي أخذها عن السرى عن شعيب عن سيف بن عمر الأسدي الكوفي المؤرخ الشهير وصاحب الكتب المعروفة في الفتوح والردة والجمل وغير ذلك، والذي هو موضع ثقة الطبري فيها حتى أنه رجحه على الواقدي، وهو سند نصر بن مزاحم بنفس الوقت.
وقد ألف غير واحد من المؤرخين في وقعة صفين، منهم ابو مخنف لوط بن يحيى المتوفى سنة ١٥٨ للهجرة. وهو من أنشط الرجال الذين عنوا بتاريخ العراق؛ وهو من مشائخ نصر أبن مزاحم بنفس الوقت. وقد اعتمد عليه الطبري في وقعة صفين والتاريخ الأموي والأحداث التي وقعت قبل صفين وأورد من كتب أبى مخنف قطعاً طويلة تعطينا فكرة مهمة عن الأسلوب المشرق الذي أتبعه في تدوين التاريخ وفي الإنشاء العربي وفي ذلك العهد وهو مرجع لأكثر المؤرخين. ويمكن جمع أقواله المشتتة في كتب الواقدي والبلاذري والمسعودي وغيرها وتكوين فكرة عامة عن هذا المؤرخ القديم.
وألف أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي المتوفي سنة ٢٠٧ هـ وهو مؤرخ شهير ومرجع