للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكتسح خصمه، ومحا من قائمة انتخاب الرياسة اسمه ورسمه. وكان لمدرسة الحقوق في أمثال تلك المعارك الانتخابية بن الشبيبة المثقفة يد طولى وقِدح مُعلّي، فوقف سوادها الأعظم، وجمهورها الأكرم، خلف إبراهيم خطيب الشباب الموهوب.

فأشاد بذلك أمير الشعراء وشدا، وغرد البلبل الصيداح، فأسر الأفئدة، ونقع الصدى بسلسلة العذب ودرة الفريد الذي يفني الزمان ولا يفني، ويبيد الدهر ولا يبيد.

وذلك في قصيده الرائع الذي توَّج به هامة حفل التكريم، والذي كان مطلعه ذلك الغزل الرقيق الذي بلغ منتهى العذوبة وغاية الطلاوة والرواء:

بأبي وروحي الناعمات الغيدا ... الباسمات عن اليتيم نضيدا

الرانيات بكل أحْور فاتر ... يذر الحلى من القلوب عميدا

الزاويات من السُّلاف محاجزاً ... الناهلات سوالفاً وخدودا

اللاعبات على النسيم غدائراً ... الراتعات مع النسيم قدودا

أقبلت في ذهب الأصيل ووشيه ... ملء الغلائل لؤلؤاً وفريدا

يحدِجن بالحدق الحواسد دُميةً ... كظباء وجرة مقلتين وجيدا

حوت الجمال فلو ذهبت نزيدُها ... في الوهم حسناً ما استطعت مزيدا

لو مر بالوُلدان طيف جمالها ... في الخلد خروا ركعاً وسجودا

أشهى من العود المرنم منطلقاً ... وألذ من أوتاره تغريدا

وهنا انتقل انتقالا رائعاً، وتخلص من الغزل إلى السياسة تخلصاً بارعاً، إذ قال:

لو كنت سعداً مطلق السجناء لم ... تطلق لساحر طرفها مصفودا

ما قصر الرؤساء عنه سعى له ... سعد فكان موفقاً ورشيدا

وهكذا سار أمير الشعراء كما عهده الناس يتدفق بياناً وسحراً، فنوه فيما ساقه لنا من روائع آياته وخوالد بيناته بفتى الشباب المرتجي في ذلك العهد إبراهيم عبد الهادي مشيراً إلى تبوئه مكان الزعامة من الشبيبة في بيتين من أوابد الشعر وبدائع القريض حافلين بالإشادة والثناء. ذلك إذ قال:

دار الحقوق إلى فتاها المجتبى ... ثنت العنان وألقت الإقليدا

عمدت لإبراهيم فانتخبت فتى ... ثبت الجنان على الزمان جليدا

<<  <  ج:
ص:  >  >>