نحن لا نريد من الأديب أن يكتب في الأخلاق مباشرة، وإنه حين يثور على وضع من الأوضاع الأخلاقية إنما ينشد التطور ورقي المجتمع.
ورد طمان على أن الأدب فن من الفنون الرفيعة لا يقصد إلا إلى الجمال، فقال إنا لا نسلم بأن الفنون قاصر أمرها على الجمال، فأنت تمر بتمثال الحرية مقاماً في أحد الميادين فيوحي إليك معاني الوطنية ومشاعرها، ولم يقل أحد بأنه يجب عليك أن تشعر بجمال التمثال وتمضي دون أن تحس شيئاً من أهدافه القومية والاجتماعية. ومن ظريف ما قاله طمان: إن (الأدب للأدب) كالنحو للنحو. . أي أن الإنسان بناء على هذا يعرف النحو ويلحن كما يشاء، لأنه يعرفه لذاته لا ليقيم به الكلام. . . وتساءل غنيم: هل الأديب حشرة ائتلافية؟
وقال الزقم: إننا إذا نظرنا في الأدباء الخالدين لم نجد إلا من خلدته آثاره في خدمة المجتمع.
وقد أثار المتناظرون موضوع (التابعي وأسمهان) إذ قال أحد الفريق الأول: إن التابعي يكتب في (آخر ساعة) مذكراته عن أسمهان ليعبر عن أحاسيس هذه الفنانة، ولم يعبأ بمن ثاروا عليه. وقد كان ذلك مثار حملات من الفريق الثاني على شغل تلك الصفحات بمثل ذلك الكلام. والحق أن الفريقين ظلموا التابعي، فليست مذكراته عن أسمهان من (الأدب للأدب) وإنما هي تهدف إلى إغراض اجتماعية وسياسية يستشفها القارئ من خلال ما يعرض من حوادث.
وختم المناظرة الأستاذ عبد الحميد مثنيا على المتناظرين وحسن نقاشهم وما بدا فيه من الروح الرياضية قائلاً بأنه إذا كان العمل الرياضي تمريناً للجسد فهذا تمرين للفكر، والثاني أحق بأن تسوده الروح الطيبة. وآثر الأستاذ ألا يجري الاستفتاء بين الحاضرين لأن المقصود ليس انتصار فريق على آخر وإنما هو بحث الموضوع وتبين جوانبه. وأبدى رأيه في الموضوع فقال أنه لا تعارض بين الرأيين، لأن الأدب ينبع من الفرد ومن المجتمع ومدار الأمر فيه على الصدق، والأديب الصادق التعبير يخدم الإنسانية فرداً أو مجتمعاً.
وقد كان أصحاب الرأي الأول يرددون أن الأديب ليس واعظاً ولا مرشداً ولا مقرر