للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نظريات وعلوم. وكان الفريق الثاني يقول بأن الأديب لابد أن يعالج شؤون المجتمع ويكتب في مشكلاته. وهنا أمر يحسن الالتفات إليه، وهو أن الأديب لا يدعو إلى الأخلاق دعوة مباشرة ولا يعالج مشكلات المجتمع كما يعالجها الباحث الاجتماعي؛ وإنما هو يتناول كل ذلك بطريقته الفنية وصوره الأدبية ومن المسلم به أن تجارب الحياة أجدى من الوعظ إن كان فيه جداء، والأديب يعبر عن تجاربه الشعورية فينقل القارئ إلى عالمه ويؤثر فيه بحيث يجعله مشاركاً له في التجربة، والأديب حين يتجه إلى المسائل الاجتماعية إنما يأتيها من حيث آثارها في صوره وأشخاصه، لا من حيث هي مشاكل يقترح لحلها كذا وكذا.

والأدب الآن يتجه إلى الإنسانية وتحليل النفس، والأديب حين يتغلغل بقلمه إلى إبراز المشاعر الإنسانية وتحليلها إنما يهدف إلى الحق والخير والجمال.

الأدب المصري:

قال الأستاذ بدوي طبانة في كلمة له بالأهرام، إنه لاحظ وهو يحقق كتاب (جريدة القصر وجريدة أهل العصر) للعماد الأصفهاني - أن مصر أنجبت نحو مائة وثلاثين شاعراً في القرن السادس الهجري، جلهم إن لم يكن كلهم مغمورون لم يتناولهم علماؤنا وأدباؤنا بالدراسة كما تناولوا غيرهم من أعلام المشارقة والمغاربة.

وأذكر أن بعض الكتاب قد أثار هذه الموضوع منذ سنين، ونبه على إهمال مصر الأدب المصري مع جدارته بالإحياء والدراسة، وأنشأت الجامعة كرسياً بكلية الآداب للأدب المصري، شغله الأستاذ أمين الخولي، ووضع له منهجاً لم ينفذ، والأستاذ يدرس الآن في الكلية مواد ليس من بينها الأدب المصري وهو لا يزال أستاذ الأدب المصري!

ولا يزال أساتذة تاريخ الأدب في المدارس وكليات الآداب ودار العلوم واللغة العربية يمرون بالأدب المصري عابرين معجلين، وقلما يحظى هذا الأدب بالتفات الأدباء في غير المدارس والكليات.

ولعل من أسباب ذلك أن أكثر مراجع التاريخ والأدب في العصور المصرية المتأخرة مخطوط.

ولا شك أن أول ما يجب عمله في هذا السبيل، هو إحياء هذه الكتب بالتحقيق والطبع لتكون في متناول طلاب الأدب، وعندنا هيئات حكومية وأهلية تعمل في إحياء تراثنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>