صفو الحجرة سوى دقات ساعة الجد، وقد تدفقت أشعة الشمس خلال النافذة بذراتها الكثيرة المتراقصة. وكانت الطفلة لا تزال تقرأ وسط ذلك النعاس الشامل (وسرعان - ما - اندفع - أسدان - صوبها - وافترساها. . .) ودلفت إلى الحجرة عند هذه المرحلة الخطيرة!
كان من الجلي أن الأسدين الضاربين لم يحدثا أدنى اضطراب لأهل الدار. ولكن، عندما لمحتني الفتاة ذات الرداء الزرق، أسقطت الكتاب وقد ندت عنها صرخة رعب. واستيقظ الكناري والذباب، ودقت الساعة، وقفز الكهل في فزع وذهول. ووقفت بالمدخل حائراً، ولكني تدرعت بالشجاعة وصحت قائلاً (عم صباحاً يا صديقي! أنا صديق موريس).
وفعل موريس فعل الطلسم. هرول الكهل صوبي مفتوح الذراعين، وعصر يدي، ثم جعل يجول في الحجرة ويصيح في ذهول (يا ألهي! يا ألهيَ!).
وأشرقت كل تجعداته، وتحول وجهه قرمزيا من الحماس. ثم تمتم قائلا (أواه يا سيدي! أواه يا سيدي!).
ثم هرول صوب الباب يصيح قائلا - هلم يا (ماماه)، أسرعي يا (ماماه). وفتح باب في الردهة، وسمعت صوت حركة، ثم دلفت (ماماه).
ما أرقه مشهداً عاطفاً مثيراً! كانت السيدة العجوز ترتدي وشاحاً ورداء كرملياً باهتاً، وتحمل في يدها منديلاً مطرزاً. وما اشد الشبه بينهما وياله من شبه عجيب! أن أقل تبديل في الملبس، من قلنسوة أو ما شابه ذلك، وإذا بك تحسب الجد جدة. فلم تكن تختلف عنه إلا في كثرة تجاعيدها. وكانت لهما فتاتان صغيرتان من الأيتام ترعيانهما - الكهولة ترعاها الطفولة! وانحنت الجدة انحناءة منخفضة، كما كان يحدث في عهد الفروسية ولكن لم يطلق الكهل صبراً لذلك، فقطع الاحتفال القصير قائلاً - (ماماه) هذا صديق موريس.
وارتجفت السيدة وكأنها ورقة من شجر الحور، وسال الدمع على وجنتيها، وسقط منديلها، واحمر وجهها أكثر احمراراً من وجه الجد. ومع أن الكهلين لا يحملان في عروقهما سوى قطرة واحدة من الدم، فقد كان أقل انفعال يؤثر عليهما يكسي وجهيهما بقناع قرمزي. وقالت السيدة للفتاة الزرقاء - أسرعي! مقعداً للزائر. وقال الكهل لفتاته - افتحي النوافذ.
ثم أخذ كلاهما بذراعي وسارا في خطى قصيرة إلى النافذة حتى يتفحصا الزائر، واستحضرت المقاعد وإذا بي جالس بينهما، وقد وقفت الطفلتان خلفهما. وأخذت الأسئلة