أما هي ففتاة في مستهل الحياة، مشرقة كالضحى، ندية كالفجر، رشيقة كالغصن، نضيرة كالزهرة، تتأرج عطراً وحياة وجمالاً. . . جمعهما الحب وتعاقد قلبهما على أمر. ثم جاء الفتى الثاني يخطب الفتاة إلى أبيها وبين يديه الثراء والشباب والجاه، فوافق الأب، واستسلمت هي. . . وترامى الخبر إلى صاحبي، فتوارى إلى الأبد عن عيني فتاته حين أحس أنها ستجد السعادة والرفاهية في دار خطيبها. . . توارى وفي قلبه الأسى والكمد، وضحى بقلبه في سبيل من أحب. . . فهل يستطيع عادل أن ينسج على هذا المنوال؟
وقال (فتى الأندلس) في رسالة افتتحها بتحية حارة مشكورة إلى كاتب (من الأعماق):
. . وإلهام فتاة عاقلة حصيفة تفحص الأمور بعقلها فحسب، ودليلي على ذلك قولها:(وحين وافقت على رأي أبي كنت قد خشيت أن تكون قد طردتني من نفسك لأنك نأيت عني). . . فهي إذن قد هفت نحو جلال، واستشعرت ميلاً له، ونسيت عادلا. أما العاطفة التي بدت لعادل منذ أن كان وكانت. فلم يكن حباً عميقاً يسمو على النوازع المادية، ويعلو على الخواطر الأرضية، بل كانت ألفة عقلية استشعراها لأنهما عاشا صديقين حيناً من الزمن. لهذا أرى أن ينسحب عادل ليذر الحياة تنطلق بالخطيبين إلى غايتها.
هذه آراء بعض صحابي من قراء (الرسالة)، وللباقين - ممن تنطوي آراؤهم تحت هذه المعاني - تحيتي وشكري، ثم عذري عن أن أذكر حديثهم.
أما رأي الحياة في هذه المشكلة، فسأقصه في العدد القادم - إن شاء الله - ولطالما امتدت يد الحياة إلى مشاكلنا لتحلها بطريقة عجيبة تسخر من المنطق البشري. . .