للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نظمها عصبية الفرس - كما يدعي البعض - وإنما كان استجابة لطبع الشاعر وتلبية لسجيته المطلقة التي دعته إلى وصف بعض الصور الجميلة التي شاهدها. وكان من هذه القصيدة قوله:

رأيت عجيباً والزمان عجيب ... رجالاً ولكن ما لهن قلوب

تماثيل في صخر فحيت كأنها ... بنو زمن لم يلف فيه أريب

نزلنا وفوداً في حماها ولم يكن ... لنا من قراها في الوفود نصيب

فنحن لدى كسرى إبرويز غدية ... نزول ولكن الفناء جديب

بظاهر قرميسين والركب محدق ... حواليه فيهم جيئة وذهوب

لدى ملك من آل ساسان ماجد ... وقور عليه التاج وهو مهيب

مكان المناجى من خليليه واقفاً ... وإن عز منهم سامع ومجيب

يرينك من تحت الحوادث أوجهاً ... بها من تصاريف الزمان شحوب

وقاموا على الأقدام لا يعتريهم ... مدى الدهر من طول القيام لغوب

وقصيدة شاعر الدولة العباسية أبو عبادة البحتري التي وصف بها الإيوان فكانت آية من آيات التصوير الشعري بعد أن سارت مسير المثل لما فيها من وصف بديع بعد أن ذكر جميع ما رأى من النقوش والتماثيل التي ارتسمت على جدران الإيوان وما أحيط به من العظمة والجلال. . . وهاهو يقول في أولها يمتدح نفسه:

صنت نفسي عما يدنس نفسي ... وترفعت عن جدي كل جبس

وتماسكت حين زعزع عني الد ... هر التماساً منه لتعسي ونكسي

إلى أن يقول في وصف الإيوان مشيراً إلى ما فيه من زخرف وتصاوير:

لو تراه علمت أن الليالي ... جعلت منه مأتما بعد عرس

فإذا ما رأيت صورة أنطا ... كية ارتعت بين روم وفرس

والمنايا موائل وأنوشر ... وأن يزجى الصفوف تحت الدرفس

وعراك الرجال بين يديه ... في خفوت منه وإغماض جرس

وكأن الإيوان من عجب الصد ... عة جوب في جنب أرعن جلس

مشمخر تعلو له شرفات ... رفعت في رؤوس رضوى وقدس

<<  <  ج:
ص:  >  >>