للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تذكرني بمثيلتها في فن رمبرانت!

بقي أن أشير إلى لوحات أخرى تغري بالتأمل وإطالة الوقوف وهي: (الراحة) لأنطونيو فونتانيزي، (وموسيقى المشاة) للويجي نونو، و (رجل يقرأ) لجينوبي أباني، و (الحظيرة) لباليزي صاحب (عربة الحشائش)، و (غروب الشمس في سان مورو) لفونتانيزي أيضاً. . . أما الحجرة التي تقع إلى اليمين وأنت تتخطى الباب الخارجي فلا تحاول أن تدلف إليها حتى لا يفسد ذوقك، إنها حجرة السير ريالزم!!

إيفات على قبر غاندي:

هل تعرف هذا الرجل العظيم هربرت إيفات؟ إنه وزير خارجية أستراليا، والرجل الذي هز أعماق الضمير الإنساني حين وقف أكثر من مرة ليدافع عن حقوق الأمم الصغيرة أمام هيئة الأمم المتحدة! لقد شاهدته فبل أيام في إحدى الصحف اليومية وهو يحج إلى قبر الروح العظيم؛ شاهدته يقف وقفة العابد المتبتل يضم يديه في خشوع إلى صدره، وكأن القبر الذي أمامه قد استحال إلى محراب! ولقد خيل إلي في وقفته تلك أن عينيه تسران إلى القلب حديثاً فيه رؤى ما كان أروعها وأطياف. . . إن هربرت إيفات كان يتحدث في لغة الصمت إلى الرجل الذي وهب قلبه للإنسانية وضحى بحياته من أجل السلام. ترى ماذا كان يقول له وهو في رحاب الأبد وفي ضيافة السماء؟ وأية كلمات تلك التي انطلقت من نظراته الحالمة لترطب الثرى المعطر برفات رجل السلام والوئام والمحبة؟. . . لعله كان حديثاً عن الإنسانية التي مات فتها الضمير يوم أن امتدت إلى غاندي يد لطخها العار فأطفأت الشعلة وعصفت بالضياء، وأي ضياء هذا الذي خبا يوم أن قضى الروح العظيم والقلب الكبير، وترك الحياة من حوله تغيش تحت قبضة الظلام؟. . . ما كفرت بالضمير الإنساني إلا بعد أن قتل غاندي، وما كفرت بالضمير الإنساني إلا بعد أن وقف إيفات ليدافع عن حقوق الضعفاء فضاع صوت الحق وسط ضجيج الباطل وخفت صداه. . . ترى أكان إيفات يتحدث إلى غاندي عن خيبة الأمل وضيعة الرجاء، أم كان يسأله الرأي ويستمد من روحه العون ويقضي حقوق الوفاء؟!

أنور المعداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>