يفترقا إلى الأبد، أم كان يشعر بأن في كلماته صفعات عنيفة فهو حيناً بعد حين رحمة بقلبين؟ ولكن صوت أبيه الشيخ رن في أذنيه ينادي:(ولا ريب في أن رجولتك وعقلك وحقي عليك ستدفعك حتماً إلى أن تبقى عليَّ وتنزل عند رأيي). فهمَّ مندفعاً يعلن رأيه، وانطلقت كلماته هينة رقيقة ولكنها وقعت على قلب الفتاة المسكينة في مثل قوة العاصفة العاتية فأجهشت للبكاء، وانطلق صوب الباب يريد أن يهرب من ضعفه.
لقد انطلق عادل ليهرب من ضعفه، ولكنه ما كاد يقترب من الباب حتى ارتطم بشاب يزحمه الطريق: هو جلال. لقد رأى جلال بعينيه. . رأى الفتى والفتاة في ركن تحت شجرة من أشجار الحديقة يستمتعان بالخلوة في منأى عن الرقيب، فوقف ينظر في ذهول وغيظ وحديثهما لا يكاد يبلغ مسمعيه. وحين انطلق عادل صوب الباب أخذ جلال عليه الطريق، ولكن عادلا لم يعبأ به وانطلق في طريقه دون أن يلتفت إليه، يريد أن يهرب من ضعفه.
وحز في نفس جلال ما رأى، فانطلق إلى الفتاة يرَّبت على كتفها ويقول في غيظ وكمد:(لا تحزني يا فتاتي، لقد رأيت وسمعت. والآن أتنحى أنا لتجدي السعادة والرفاهية إلى جانب الحبيب). ثم أندفع إلى أمها في ثورة تفور وتغلي يقذف في وجهها بخاتم الخطوبة.
لقد خسرت الفتاة الحبيب والزوج في وقت معاً، وجلست في زاوية، وإن شبح ابنة عمها ليضطرب في ناظريها كلما ذكرت الخطبة والزواج، ابنة عمها التي أشرفت على الأربعين ولما تجد الزوج.