للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكانت هذه هي السياسة التي نادى بها فولى والذي وقف من أول الأمر ينادي (بأن حق إيطاليا من الناحية الدولية في امتلاك المستعمرة حق ثابت لا نزاع فيه، وأن عناد الأهالي ما هو إلا ثورة يحركها بعض الرجال المتعطشين للسلطة تقودهم أطماعهم الذاتية فليس هناك روح قومية أو حركة وطنية تحركها عواطف عالية أو روح جماعية، وإنما هناك أطماع وأغراض وأهواء: فلنضرب ضرباً قاسياً (وهل وجد المستعمرون في مدغشقر وفي إندونيسيا غير هذا المنطق؟

وجاء جراتزياني ينفذ خطته لاحتلال فزان على طريقته الخاصة وإلا فانظر إلى تعليماته للوحدات التي يقودها: فهي تعبر عن نفسية يجدر بنا تتبعها:

١ - توزع قوات الاحتياطي على أنحاء الجبهة بطريقة تمكن من الاستفادة منها بغير إضاعة وقت ولكي يسهل تجمعها واستعمالها إذا احتاج الأمر إليها لضرب العدو ضربات قاصمة.

٢ - تقسم الجبهة إلى أقسام، وأن يتولى كل في دائرته مطاردة العدو بواسطة أفواج تبدأ عملها من نقط ارتكاز مختلفة ومتباعد ولكنها متجهة في سيرها إلى غرض واحد - أو تظهر أنها متجهة لأغراض متعددة في وقت واحد مع تلاقيها عند هدف واحد، وبذلك تتوزع قوات العدو المتجمعة أو تتفرق أو تثبت في أماكنها.

٣ - يراعى أن تستعمل الوحدات على أساس العمل على جبهة واسعة الأطراف، أي تعمل كل واحدة على أنها مستقلة تماماً في تحركها إلى أبعد مدى وتترك كل قواعد وأساليب التعبئة القديمة، وتعتمد الوحدات على مرونتها في الحركة والتقدم والعودة بدون أن تلجأ إلى طلب مساعدة الوحدات الأخرى: يفهم من هذا أنه اتبع نظام دوريات دائمة متحركة بانتظام.

وقد تبين من كتابته رأيه في المقاتلين العرب، فهو لا ترهبه كثرتهم العددية بل يقرن النصر بالقرار الحازم والتقدم للهجوم، فالمهم لديه اكتشاف أماكن تجمع الثوار ومهاجمتها بغير تردد ويوصي بأنه عند التلاقي يجب أشغال العدو وقبول المعركة، فإذا حاول العرب الانسحاب لا تتركهم قوات الجيش ولا تمكنهم من الراحة واستعادة شجاعتهم، بل يجب مع انسحابهم إصابتهم مادياً والفتك بهم حتى تفنى قوة المقاومة لدى العدو ولا يستطيع استعادتها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>