الإدريسي هو الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إدريسينتسب إلى بيت الأدارسة الذي حكم مدينة (مالقة) في النصف الأول من القرن الحادي عشر الميلادي بعد سقوط خلافة قرطبة في بلاد الأندلس.
هذا البيت يمت بصلة القرابة إلى الأسرة الأدريسية التي حكمت في مراكش ١٣٥ سنة من ٧٩١ إلى ٩٢٦ م.
وهاتان الأسرتان ترجعان معا في نسبهما إلى إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
إدريس هذا افلت من يد العباسيين بعد اشتراكه في ثورة العلويين عليهم في ولاية موسى الهادي، وفر من وجههم إلى بلاد الغرب سنة ٧٨٤ م وهناك أسس مملكة الأدارسة التي ورثها أبناؤه من بعده. بعد أن بسط يده على تلك الجهة التي نزل بها، بعضها بموالاة سكانها له، والبعض الآخر بواسطة الحرب وبعد تحكيم السيف، وما زال الأدارسة هناك يدبرون ويحكمون حتى غلبهم الفاطميون على أمرهم وانتزعوا الملك من يدهم. صاحبنا الإدريسي ولد سنة ١١٠ ببلاد المغرب في (تطوان) على إحدى الروايات أو في (سبتة) كما في الروايات الأخرى حيث هاجر والده وبعض أقاربه في نهاية القرن الحادي عشر، وأين أتم الإدريسي دراسته وتلقى دروسه؟ لم يذكر المؤرخون ذلك. ولكن الأمر كما قال الأستاذ (ميللر) ليس بعير، فان القارئ لوصفه الدقيق الوافي لمدينة (قرطبة) يستطيع أن يستنبط من ذلك أنها كانت مقر دراسته وموطن تخرجه نشأ هذا الرجل وقد حببت إليه الأسفار من صغره، فبدأ أسفاره وهو في السادسة عشرة، وسافر إلى البلدان الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، وتغلغل في شمال إفريقية، ودرس خصائص أهل هذه البلاد وعوائدهم. فوق هذا سافر إلى سواحل فرنسا في المحيط الأطلانطي، وإلى سواحل إنكلترا كما حدث في بعض كتاباته، وفي نهاية الأمر دعاه رجار (روجر الثاني النورماني) ملك صقلية إلى الرحلة إليه والنزول عنده في (بالرم) على الرحب والسعة والإقامة ببابه كأحد أفراد الحاشية معززا موفور الكرامة. رجاه ذلك الملك الجليل في هذا بعد أن وصل إلى مسامعه من هو الإدريسي، وبعد أن علم منزلة الأمير العلمية. قبل الإدريسي هذه الدعوة الكريمة وشد رحاله نحو صقلية ليأخذ منزلته في البلاط الملكي، وليحدث هناك الدوي