عام ١٩٤٥: ٢ , ٦٠٠ , ٠٠٠ أي ١٥ % من السكان. فإذا فرضنا أن كل مالك يعتبر ربا لأسرة قوامها خمسة أفراد، فإن عدد من يعتمد على الزراعة من سكان القطر كمورد يبلغ نحو خمسة وسبعين في المائة من جملة السكان. ومن هؤلاء الملاك سبعون في المائة يقل ما يملكه الواحد منهم عن فدان! ولا جدال في أن الفقر يؤدي إلى سوء الصحة، بالإضافة إلى الجهل الضارب إطنابه نرى أن ثمانين في المائة من سكان مصر الحديثة يعيشون عيشة ضنكا! وهذا أمر عجيب في بلد ذي مناخ معتدل وموقع ممتاز، وهو يعد مهد أقدام حضارة أضاءت بنورها ظلمات العالم. وهنا نتساءل: هل يؤدي ازدياد السكان إلى انخفاض مستوى المعيشة؟ ولكل سؤال جواب كما يقول جميل لصاحبته. فما ينبغي أن نتشاءم كما تشاءم ملثس (١٧٦٦ - ١٨٣٤) في انجلترا، فقد حذر مواطنيه من كثرة التناسل وحثهم على تأخير الزواج مع حياة العفة. وحينما تغيرت الأحوال ونهضت الصناعة في القرن التاسع عشر، زاد عدد السكان زيادة فائقة استجابة لزيادة الموارد، ولم يصحب ذلك انخفاض في مستوى المعيشة.
قد يقال إن أمام المصريين أرض الله واسعة فليهاجروا إليها، ولكنما المصري قد تعود التعلق بأرضه منذ القدم، ثم أن الهجرة ليست بالأمر الهين السهل، لأسباب مختلفة وظروف متباينة. وقد يقال إن ضبط النسل هو الحل الصحيح، ولكنه غير ممكن من الناحية العملية إذ أن وسائل ضبط النسل قلماً تلاقي نجاحاً عند الطبقات الدنيا كما أشرنا من قبل، مع أن المجتمع لا يرغب في زيادتهم الكبيرة، وذلك بعكس الحال عند الطبقات المثقفة والعليا التي توسعت في استخدام ضبط النسل مع أن كثرة نسلهم ليس منها ضرر، إذ أن في إمكان هذه الطبقات أن تربي الأطفال مهما كثروا تربية حسنة. إذن فعلاج الحال نجده في الموارد الطبيعية.
ففي الناحية الزراعية يمكن زيادة الأراضي المنزرعة وذلك بإصلاح الأراضي البور وبواسطة مشروعات الري مثل مشروع وادي الريان وغيره والاهتمام بطرق الزراعة والعناية بأنواع النباتات وتحسينها، مع ملاحظة قانون الغلة المتناقصة وهو أن للأرض حداً في الإنتاج لا تتعداه مهما أجرى من وسائل التحسين والإصلاح، وكل زيادة في الإنتاج يحصل عليها بأكثر من زيادة متناسبة في الأيدي العامة.