للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

دعوة هذه المدرسة وأعلن ميلادها في زهو، وتطأ من فبشر بزعيمها الجالس بجوار المنصة يبعد عن سيماه خجل التواضع.

والزعيم أو الكاتب القصصي الأول في هذه المدرسة الحديثة، هو الأديب محمد يسري أحمد، وأعلام المدرسة وأنصارها والمتحمسون لها، يجتمعون في واحد هو محاضرنا الأديب صلاح حافظ، وهما طالبان بالسنة الثالثة بكلية الطب، إنهما يشرحان الإنسان الحي كما يشرح الإنسان الميت في قصر العيني. هل يأبه الطبيب للقذارات أو يأنف من روائح الجثث؟ كذلك كاتب القصة يحلل الإنسان كما هو ويتغلغل في أعماقه ليصورها كما هي، فإن قلت إن غاية الطبيب المشرح الوصول إلى الحقائق العلمية قالت لك المدرسة الحديثة في فن القصة إنها لا غاية لها، فالكاتب يجب أن يبدأ القصة ويسير فيها مع الطبيعة لا يهدف إلى شيء، فإن قلت إن الطبيعة لا تعتسف طريقها فهذا هو الفارق بين الطبيعة وبين المدرسة الحديثة.

يظهر أنني بمذهب هذه المدرسة في عرض الأشياء كما هي وإبراز الإنسان كما هو، فإني أتحدث عنها كما هي، وإتماماً للخطة أضربت في هذا الموضوع عن استعمال علامات التعجب لأنها تدل على الانفعال وقد تشير إلى الحكم. وأستمر في السير على هذه الخطة فأقول:

حدثنا المحاضر صلاح فقال إن المدرسة الحديثة قد اكتسحت كل ما عداها وأحرزت نصراً مؤزراً في مسابقات القصة المختلفة ففاز يسري بقصة في مهرجان الشباب، وبأخرى في مسابقة الإذاعة، وبثالثة في مسابقة الثقافة العامة، وفاز هو، أي صلاح، بقصة في المسابقة الأخيرة.

وليس هذا هو كل إنتاج المدرسة الحديثة، فقد كان ليسري في مهرجان الشباب قصة غير التي فازت، تحدث فيها عن حادثة غرام بين فنان وأخته وحلل العوامل التي جعلت بطل القصة يفتتن بمحاسن أخته ويستمتع بجسدها ثم يقتلها. ولم يعجب ذلك الاتجاه النفساني في فن القصة شيوخ الأدب المحكمين في المسابقة، فرفضوها وقال إن الأستاذ عبد الله حبيب قرأ هذه القصة، إذ كان يعمل في تنظيم المهرجان، حتى وصل إلى نهايتها وهو لا يشعر أن فيها جريمة ترتكب، وإنه دافع عنها أمام لجنة التحكيم (وقد سمعت أنا أيضاً ذلك من

<<  <  ج:
ص:  >  >>