كنت بالأمس في أحد نوادي العاصمة، مع الحاضرين لسماع محاضرة تلقى به، وقام سكرتير النادي ليقدم المحاضر، وأنل للآن لا أعرف اسم هذا السكرتير، أما المحاضر فهو شخصية معروفة، فبالله أيهما أولى بالتعريف. . .؟ وهي عادة متفشية في أنديتنا وجمعياتنا، ينتهز السكرتير أو الوكيل أو الرئيس وقد يكون المراقب أو أمين الصندوق،. . . ينتهز أحد هؤلاء فرصة اجتماع الناس لسماع محاضرة لأحد الإعلام، فيحتل المنصة نحو نصف ساعة بحجة التقديم للمحاضرة وما هو إلا يريد توكيد شخصيته. أعجبني مرة أن رأيت الدكتور طه حسين بك يبرز إلى الجمهور وحده على المنصة بقاعة المحاضرات بالليسية الفرنسية، فلم يقدمه أحد، وما هو بحاجة إلى تقديم.
ذكرني موقف ذلك السكرتير بما قد نشر في إحدى الصحف من المتبع في بعض ولايات أفريقية الجنوبية لحماية الناس من الخطب الطويلة المملة، إذ يوجبون على الخطيب أن يقف على قدم واحدة، فإذا تعب ومست الأرض قدمه الثانية يجب أن يمسك عن الخطابة وإلا منعه السامعون من الاسترسال بقوة! ولو أن في تلك الولايات من يقدم الخطباء كمن هم لدينا في مصر، لقضوا عليهم أن يقفوا على إصبع واحدة من قدم. . .
وكم كان ظريفا ذلك الأعرابي الذي حضر حفل زواج قام فيه خطيب فحمدل وهلل وكبر وأطال في ذلك حتى أمل، فقال له الأعرابي: أيها الخطيب لا تقم الصلاة فإني على غير وضوء.