الأشخاص وإظهارهم دون انفعال وحكم، عن طريق التصوير الفني، على ما يأتون وما يدعون لا ينتج إلا شيئاً قد يسمى (علم نفس تطبيقياً) أما الفن فلا بد فيه من عاطفة الفنان، فإن تجرد منها فليس فناً. والعاطفة في العمل الفني إما أن تهدف إلى الخير وتتجه نحو الجمال الذي يهفو إليه الذوق السليم، أو تنزل إلى الشر وتتدلى إلى القبح.
أريد أن أفرض في شأن هذين الشابين أحسن الفروض، وهو أنهما يتكلفان الشذوذ على طريقة (خالف تعرف) ولا بأس بأن حققت لهما شيئاً من ذلك، وغاية ما أرجو أن يكون الثمن هدايتهما إلى سواء الأدب القويم.
رسالة من غراب:
تلقيت رسالة كريمة رقيقة من الأستاذ أمين يوسف غراب، على أثر ما ظهر في (كشكول الأسبوع) خاصاً بخطأ لغوي في قصة له بمجلة الأديب، قال الأستاذ في رسالته (أما الخطأ الذي تفضلتم بالإشارة إليه فأنا أعترف به، ولا أريد أن أحمل المطبعة وزره، أو أحيله على غيري كالذي نقل عني هذه القصة مثلا. ولكني لا أعترف بأنه كان يستحق عنايتكم إلى هذا الحد، أو يستهل إشارتكم الكريمة، إن هناك على ما أعتقد من جديات الأمور ما هو أجدر بعنايتكم وأحق بتوجيهاتكم. كنت أفهم مثلا أنكم تتحدثون عن القصة في مجموعها كوحدة فنية. . . الخ)
وأقول إني لم أعرض لنقد القصة حتى أستوعب نواحيها المختلفة، ولم يصرفني هذا الخطأ عن جديات الأمور. إنما هي نظرة من زاوية، صيغت في سطور من (الكشكول) وليس من دأبي تتبع الأخطاء اللغوية، ولا آتي بشيء من ذلك إلا لملابسات أخرى غير مجرد الخطأ، والذي لابس إشارتي إلى قصة الأستاذ غراب هو ما ألاحظه من استهانة بعض الكتاب ذوي المواهب الفنية بسلامة الأسلوب وصحة اللغة.
وقد لمحت فيما قرأت للأستاذ سمات الإجادة الفنية، وقد بدا لي من رسالته أن ما ندَّ من قلمه ليس عن استهانة، وأنا لا أعتبره ممن قلت إنهم ركبوا ظهور الصحف والمجلات في غفلة الزمان، أحسن عملا وأكثر نفعا من أولئك الذين ركبت الصحف والمجلات ظهورهم؟) ولو سألني أي الفريقين أسوأ أثراً وأكثر ضرراً لكان من المحتمل أن أجيب. . .