الخادعون والمخدوعون إلى تسمية الأشياء بغير أسمائها فيقولون: الحرية والجمال والرياضة والفكاهة. . . إلى أسماء أخرى يحتجون بها لما أقبلوا عليه، ويقطعون بها ما يمسك على المعيشة الفاضلة من عقائد وفضائل وآداب ومروءات لتستريح النفوس إلى شهواتها، وتنطلق من قيود الأخلاق والآداب.
ويرى هؤلاء التجار الربح فيزيدون افتناناً في إغراء الناس، ويتنافسون في جذبهم إلى ملاهيهم، وكلما اعتدى الحدود واحد ليغري الجمهور بملهاه، أنف غيره أن يتخلف عن منافسه في تعدي الحدود، وهلم جراً إلى الهاوية.
وعلى قدر حرص هؤلاء المفسدين يقبل الأغرار عليهم، وعلى قدر افتنانهم في آثامهم يقع الشبان في مفاسدهم.
والحرية المظلومة يعتل بها هؤلاء وهؤلاء. وما هي الحرية، ولكنها العبودية، عبودية المال، وعبودية الشهوات.
والجماعات تسير إلى مهالكها سادرة في غفلاتها، والحكومات ذاهلة عن تبعاتها. يحسبون الأمر هيناً وهو يفعل فعله في آدابنا وأخلاقنا وجماعتنا وأسرنا وفي عقولنا وأجسامنا. وإليه فيما أرى يرجع كثير مما نحن فيه من عبث وفوضى وعصيان على القوانين قوانين الأسرة، وقوانين الجماعة، وقوانين الحكومة.
ولا بد للناس من سنن صالحة، وقوانين حازمة، تحمي الأغرار من عبث الفجار، وتصون الناشئين من تضليل المضللين، وتعصم الشبان من التهافت في هذه النيران التي لا تبقى ولا تذر!