وكل ما تنتجه ويعيش فيها إلى غير هذا مما له أهمية جغرافية وما يتعلق ببعض نواحي علم طبقات الشعوب وعلم الاجتماع. أمرهم بان يدرسوا هذا ثم يضعوا تقريراتهم عنه، ولقد حمل هؤلاء الرسل إذنا من الملكالنورماني رجار الثاني ليحضروا معهم كل ما يعدونه غريبا في بابه ذا أهمية جغرافية خاصة من الأمور الخارقة للعادة في باب الطبيعة، بعد أن تم ذلك وعاد أفراد تلك البعثة الاستكشافية من الجهات التي أرسلوا إليها، وقدموا تقاريرهم أجتمع لدى الإدريسي ما مكنه من وضع كتابه نزهة المشتاق.
٦ - كيف كانت صورة الأرض في نظر الإدريسي عند وضع
خريطة؟
ولا بد لنا قبل أن نتكلم عن شرح الخريطة وبيان بنائها أن نشرح الصورة الأرضية التي كان يعتقدها الإدريسي عند وضع خريطته. كان الرأي الشائع إلى أواخر العصر المتوسط أن الأرض مسطحة عائمة على وجه الماء. نعم لقد شك بعض علماء اليونان في ذلك وثار عليه أفراد آخرون بعدهم، ولكنه لم يزل رأي الأغلبية حتى نهاية ذلك الوقت. أما رأي الإدريسي يشاركه فيه علماء الجغرافيا الأخصائيون من العرب فقد كان غير ذلك، أعتقد الإدريسي أن الأرض مكورة على شكل بيضة يحيط بها الماء ويتعلق بها بواسطة قوة جاذبية طبيعية، فالماء يغمر نصفها وينحسر عن النصف الآخر مع كون هذا النصف الأخير المنحسر عنه الماء آخذاً شكلاً بيضاوياً منقسماً بواسطة خط الاستواء إلى قسمين متساويين: شمالي وجنوبي، المعمور منها الشمالي فقط. أما الجنوبي فهو خراب غير معمور لشدة الحرارة ولعدم وجود الماء، ولا يفوتنا أن ننبه إلى أن أبن رشد الطبيب والفيلسوف والفقيه المسلم (١١٢٦ - ١١٩٨) عارض الإدريسي في هذه النقطة، فلقد روى عنه أبن خلدون (٧٣٢ - ٨٠٨ هجرية) في مقدمته أنه ارتأى النصف الجنوبي من الكرة موافق للنصف الشمالي منها تمام الموافقة في الجو والطبيعة وأنه مأهول بالسكان مثله، وأن النقطة القريبة من خط الاستواء سواء كان شمالا أو جنوبا شديدة الحرارة، ثم تتدرج درجة الحرارة في الانخفاض بقدر بعد المنطقة عنه. ووافق ابن خلدون أبن رشد في اصل نظريته وأيدها بما ساق من الأدلة، إلا انه رأى أن النصف الجنوبي لا سكان فيه كما في